للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مطلب فيما اختص به أبو بكر ورد عائشة على مروان ومعرفة الراهب:]

أخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهم أنها نزلت في أبى بكر الصديق رضي الله عنه، وقال علي كرم الله وجهه إنها نزلت في أبي بكر حيث أسلم أبواه جميعا، ولم يجتمع لأحد من المهاجرين أنه أسلم أبواه غيره وأوصاه الله بهما، ولزمت هذه الوصية من بعده، وفي قوله كرم الله وجهه (مِنَ الْمُهاجِرِينَ) دليل على مدنية هذه الآية، إذ لم تطلق هذه الكلمة على أحد قبل الهجرة. قال ابن عباس وقد أجاب الله دعاءه فأعتق تسعة من المؤمنين كانوا يعذبون في الله منهم بلال، ولم يرد شيئا من الخير إلا أعانه الله عليه ووفقه لفعله. وقد أجاب دعاءه بإسلام أهله أيضا فاجتمع له أبواه أبو قحافة عثمان بن عمرو، وأمه أم الخير بنت صخر بن عمرو، وابنه عبد الرحمن، وحفيده أبو عتيق، وكلهم مسلمون. ولم يجتمع لأحد من الصحابة مثل هذا، وقد صحب رضي الله عنه محمدا صلّى الله عليه وسلم وهو ابن ثماني عشرة والنبي ابن عشرين سنة في تجارة إلى الشام، فنزلوا منزلا فيه سدرة، فقعد صلّى الله عليه وسلم في ظلها ومضى أبو بكر إلى راهب هناك يسأله عن الدين، فقال له الراهب من الرجل الذي في ظل السدرة؟ فقال محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب نسبة لجده ليعلمه مقامه وقدره لأن عبد المطلب مشهور في مكة وغيرها، وكان يلقب بقاضي العرب وخطيب الحرم ليحترمه، فقال الراهب هذا والله نبي، وما استظل تحتها بعد عيسى أحد إلا هذا، وهو نبي آخر الزمان، فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق، فكان لا يفارقه في سفر ولا في حضر، وبعد أن شرفه الله بالنبوة آمن به، وهو ابن ثمان وثلاثين سنة ودعا ربه بما حكاه الله عنه في هذه الآية. وما قيل إنها نزلت في سعد بن أبي وقاص لم يثبت، وهو أهل لأن ينزل به قرآن لأنه من العشرة المبشرين بالجنة، ومن رءوس المهاجرين الأخيار وأحبهم إلى النبي المختار، والآية بلفظها عامة يدخل فيها كل من هذا شأنه ويدخل فيها أبو بكر وسعد وأمثالهما من الصحابة دخولا أوليا، وعلى القول بأنها خاصة بالصديق فيكون لفظ الإنسان بالآية من العام المخصوص، لأن لفظ الإنسان

<<  <  ج: ص:  >  >>