للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثر تأثيرا مما لم يوجد، فإذا قلت لهم توحيد سفينة عظيمة تمشي بالبخار على البحار وسيارات تقطع مسافة اليوم في ساعة، وطيارات تطوي الشهرين بيوم، وهاتف وراد ينقلان الصوت من المغرب إلى المشرق بلحظات لم يصدقوا، فلهذا اقتصر الله تعالى على ما هو معلوم عندهم كلهم. ومن هذا قوله صلّى الله عليه وسلم كلموا الناس بما يفهمون أتحبون أن يكذب الله ورسوله. أي إذا ذكرتم لهم أشياء كهذه يخشى أن يكذبوه، ولو قلتم إن الله أخبر بها رسوله يوشك أن يكذبوا وإذا كذبوكم فقد كذبوا الذين نقلتم عنهم فيؤدي إلى الكفر الذي جاء الأنبياء لإزالته. ومن هذا الحديث المروي عن الدجال بأنه يبلغ خبر خروجه المشرق والمغرب بيوم واحد، فقد أنكره كثير من العلماء لاستحالة وصول الخبر المذكور بيوم واحد إذ لم يكن عندهم لا سلكي أو راد أو هاتف، أما الآن فلا تجد من ينكره من هذه الحيثية، وكذلك حديث: تطبخ المرقة في مكة وتؤكل في المدينة وهي حارة، وحديث تقارب البلدان وغيرها من المغيبات التي أخبر عنها الرسول المكرم ووقع الشك في صحتها، ومن هذا قوله تعالى (قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) الآية ١٨٨ من البقرة في ج ٣، عند سؤالهم عن الأهلّة، فلو قال لهم ما يذكره الفلكيون والطبيعيون في هذا لم يصدقوه. قال تعالى «وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ» ١٨ بلا عمد أو بعمد غير مرثية على كلا التفسيرين في الآية الثانية من سورة الرعد في ج ٣، والآية ٩ من سورة لقمان المارة، إذ لا يدرك أطرافها أحد ولم يقف على كنهها أحد ولم يطلع على بنائها أحد كما لا ينالها أحد «وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ» ١٩ على الأرض بصورة ثابتة راسخة لا تزول ولا تزال إلا بقدرة الملك المتعال، إذ جعلها رواسي للأرض لئلا تميد بأهلها، راجع الآية ٩ من سورة لقمان المارة، «وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ» ٢٠ بسطت ومهدت ليستقر عليها كل شيء، فانظروا أيها الناس إلى هذه الأشياء، واعلموا أن من يقدر عليها يقدر على خلق ما وصف في الجنة والنار وما أعده لأهلها، وأنكم لا تقدرون على خلق ذبابة ولا تخليص ما تسلبه منكم فضلا عن خلق الإبل والسماء والجبال والأرض وما فيها من البدائع والعجائب، ألا له الخلق والأمر، راجع الآية ٧٢ من الحج ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>