للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«فِي أَفْواهِهِمْ» أي الرسل لئلا يتكلموا بما أرسلوا به، أو إلى أفواه أنفسهم إشارة لعدم رغبتهم بما يقولون لهم، وهذا كناية عن إسكاتهم تكذيبا لهم، وكثيرا ما يقع هذا بين المخاطبين الآن من أهل القرى والبوادي، إذا لم يرد المخاطب أن يسمع كلام المخاطب فإنه يشير إليه بيده ويضعها على فم نفسه كأنه يقول له ردّ قولك إلى فيك ولا تنطق بما تريد لأني لا أصدقه، وقد يقوم إليه ويضع يده على فيه إذا كان لا يهابه، يدل على هذا المعنى قوله تعالى «وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ» فلا حاجة لبيان «وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ» من الإيمان والتوحيد والبعث «مُرِيبٍ» ٩ موقع في التهمة إن لم نجزم جحود ما جئتم به، والريبة قلق وعدم طمأنينة بالأمر، لذلك فلا نميل لأمر نحن في شك منه.

وقيل إنهم أخذوا أيديهم فعضوها بأفواههم تعجبا أو غيظا، وهذا لا يوافق النظم ويأباه السياق «قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي» وجود «اللَّهِ شَكٌّ» استفهام إنكاري، أي أتنكرون وجود الإله «فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» وخالق ما فيهما وبينهما الذي «يَدْعُوكُمْ» للإيمان به والتصديق برسله «لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ» إذا أجبتم دعوته وصدقتم رسله، والمراد من لفظ من هنا وفي مثلها غفران الذنوب التي هي حق الله فقط، أما حقوق العباد فلا تغفر إلا بإسقاطها من قبل أهلها أو بمشيئه الله القادر على إرضاء خصومهم، راجع الآية الثانية من سورة نوح المارة «وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» عنده لا يقدم ولا يؤخر ولا يبدل، وانه قدّر لكم آجالا تبلغونها إن أنتم آمنتم وصدقتم وآجالا دونها إن أصررتم على كفركم عقوبة لكم، راجع الآية ١٢ من سورة نوح المارة «قالُوا» لرسلهم «إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا» ولستم بآلهة ولا ملائكة حتى نتبعكم أ «تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا» من الآلهة «فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ» ١٠ يميّزكم عنا ويثبت أن آلهتنا باطلة وأنكم على الحق

«قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ» لسنا بآلهة ولا ملائكة كما ذكرتم «وَلكِنَّ اللَّهَ» الذي خلق ورزق وأحيا وأمات الذي منّ عليكم بالعقل والسمع والبصر والأمن والعافية والولد والجاه والرياسة «يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>