للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفر والشرك «فَيَدْمَغُهُ» يمحقه ويدمره «فَإِذا هُوَ زاهِقٌ» مضمحل مدحوض ذاهب لا أثر له، وقال بعض المفسرين المراد بالحق هنا الجد وبالباطل اللهو لأن الآية هذه مسوقة لما قبلها، وهو وجيه لولا الإضراب الموجود لأنه ينافي كونها مسوقة لما قبلها بل يفيد الانتقال عنها لمعنى آخر لأن الاضراب لا يأتي إلا لمغزى غير مغزى ما قبله وهو ما ذكرناه والله أعلم «وَلَكُمُ الْوَيْلُ» أيها الكفرة والهلاك «مِمَّا تَصِفُونَ» ١٨ الحضرة الإلهية مما لا يليق بها، قال تعالى «وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ» من الملائكة إنما خصهم بالذكر مع أنهم داخلون في معنى من اعتناء بهم، لأنهم لا شغل لهم إلا التقديس والتنزيه لحضرته الكريمة يدل عليه قوله «لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ» ١٩ لا يعيون ولا يكلّون «يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ» بلا انقطاع «لا يَفْتُرُونَ» ٢٠ عن تعظيمه وتكبيره وتسبيحه لأنه جار منهم مجرى التنفس من بني آدم فلا يلحقهم فيه سامة ولا تعب بل يتلذذون به ولا يمنعهم عن التكلم بغيره كما لا يمنع ابن آدم النفس عن الكلام فلا يرد عليه قول القائل إن من الملائكة من هو مشغول بتبليغ الرسل ومنهم من هو موكل بلعن الكفرة ومنهم من هو مشغول بتقليب الرياح وغير ذلك.

[مطلب برهان التمانع ومعنى فساد السموات والأرض وما يتعلق بهما:]

قال تعالى يا أكمل الرسل قل لهؤلاء الذين يزبتون لخلقي عبادة غيري أتتخذوا إلها من السماء كلا إذ لا إله غيري «أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ» من أحجارها وأخشابها ومعادنها لأن الأصنام تعمل منها أو من بعضها ولا إله فيها ولمن فيها غيري وهل ما اتخذوه «هُمْ» أي الآلهة المتخذة من صنع أيديهم «يُنْشِرُونَ» ٢١ يحيون الموتى مثلي، كلا لا يقدرون على ذلك ولا يستحق العبادة إلا من يقدر على الإحياء والإماتة والإيجاد من العدم إلى الوجود ولا قادر على هذا غيري فأنا المستحق للعبادة وحدي، وأنت يا سيد الرسل قل لهم «لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا» أي السموات والأرض وإذا فسدتا فسد من فيهما وما بينهما، لأن كل أمر يصدر عن اثنين لم يجر على انتظام بل يفضي إلى المحال، فوجب أن يكون القول بوجود إلهين محالا

<<  <  ج: ص:  >  >>