للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«فَإِذا هُمْ» منكرو البعث مجموعون «بِالسَّاهِرَةِ» ١٤ على وجه الأرض ظاهرين للعيان لا يسترهم شيء، وسميت ساهرة لأن نوم الحيوان وسهره عليها، قال أمية ابن الصلت:

وفيها لحم ساهرة وبحر ... وما فاهوا به أبدا مقيم

وقال في الكشاف هي الأرض البيضاء المستوية الملساء لأن السراب يجري فيها أخذا من قولهم عين ساهرة أي جارية بالماء، قال الأشعث بن قيس:

وساهرة يضحى السراب مجللا ... لإقطارها قد جبتها متلثما

قال تعالى مخاطبا سيد المخاطبين «هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى» ١٥ مع قومه كيف كان يتحمل مشاقهم، أما يجدر بك يا سيد الرسل أن تكون مثله فتحمل أذى قومك وإهانتهم، ذكّره الله تعالى به تسلية له، ثم شرع يذكر بعض ما خوله إياه وما لقي من المرسل إليهم فقال اذكر لقومك شيئا عنه «إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً» ١٦ اسم لواد عند الطور وقال له «اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى» ١٧ على قومه وتجاوز حدودنا «فَقُلْ» له «هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى» ١٨ بحذف إحدى التاءين أي تتزكى من كفرك وسوء صنيعك إلى قومك «وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى» ١٩ عقابه جعل الخشية غاية للهداية، لأنها ملاك الأمر، ولأن من خشي الله يؤمل فيه كل خير، ومن أمن منه اجترأ على كل شر، ومن هذا قوله صلّى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي عن أبي هريرة: من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل. أي استراح من وعثاء السفر في دنياه. فهنيئا لمن يبلغ منزله في الآخرة على رضى من ربه فيستريح الراحة الدائمة. وفي هذا الاستفهام ما لا يخفى من اللطف في الدعوة والاستنزال عن العتو، وإنما قدم التزكية على الهداية لأنها تخلية وهي مقدمة على التحلية، وهذه الآية على حد قوله تعالى (فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) الآية ٤٥ من سورة طه في ج ١. قال تعالى «فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى» ٢٠ وهي العصا يوم فضحت سحر السحرة وأجبرتهم على الإيمان بالله وبموسى

«فَكَذَّبَ» بها فرعون وملؤه لغاية فسقهم في العناد ولم يؤمنوا كما أرينا قومك آية انشقاق القمر فكذبوها ورموك بالسحر «وَعَصى» ٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>