للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْبَرُ»

من جميع الطاعات، وأفضل وأعظم ثوابا وأكثر أجرا، روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم سبق المفردون (بتشديد الراء وتخفيفها) يقال فرد الرجل إذا تفقه واعتزل الناس وحده. وقرىء بالتخفيف والتشديد أبلغ وأتم، قالوا وما المفردون يا رسول الله؟ قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات.

وروى البخاري عن أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال:

لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده. وروي أن أعرابيا قال يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال أن تفارق الدنيا ولسانك رطب بذكر الله. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: معنى (ولذكر الله أكبر) ذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه. وروي مرفوعا عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلم وهذا مما لا شبهة فيه لأن الله يذكر من ذكره قال تعالى (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) الآية ١٥٢ من البقرة في ج ٣، وقال صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: من ذكرني ذكرته في ملا خير من ملائه. وقال ابن عطاء:

ذكر الله لكم أكبر من ذكركم له، لأن ذكره بلا علة، وذكركم مشوب بالعلل والأماني، ولأن ذكره لا يفنى، وذكركم لا يبقى، ولن تبقى مع ذكر الله معصية.

وقال سلمان ذكر الله أكبر من كل شيء وأفضل، فقد قال عليه الصلاة والسلام ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها لكم عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير من إعطاء الذهب والفضة وأن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا وما ذاك يا رسول الله؟ قال ذكر الله. وأخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي الدرداء بلفظه ومعناه. وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر عن معاذ بن جبل، قال: ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله تعالى، قالوا ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع. لأن الله تعالى يقول (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) ، وهذا لأنه لو لم يذكر الله لم يعرف فضل الجهاد، فذكر الله هو السائق للجهاد ولكل عمل صالح. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر والحاكم في الكنى والبيهقي في شعب الإيمان عن عزة قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما أي العمل أفضل؟ قال ذكر الله أكبر، وما قعد قوم في

<<  <  ج: ص:  >  >>