للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزكاة التي تتعقبها، وما قيل إن الزكاة فرضت بآية براءة ١٠٣ فبعيد عن الصواب كما سنذكره في تفسير هذه الآية إن شاء الله، لذلك فإن ما ذكرناه من أن الآية ٢٦٢ عامة في المومى إليهما وغيرهما أولى لأن سياقها ينافي ما ذكروه من الأسباب والله أعلم. واعلم أن هذه الآية تشير إلى أن خير البر ما كان قصد به وجه الله طلبا لمرضاته وأن الخير الذي يرجى ثوابه في الآخرة، ما كان منبعثا عن طيب النفس وخلوص النية للذين هما ملاك سعادة الإنسان لأن الإخلاص لله تعالى في كل شيء واجب، وليتحقق هذا المخلص أنّ الله تعالى سيخلفه عليه وأن الإحسان للناس مطلوب، قال أحمد بن المتيم النحوي:

إذا ما نلت في دنياك حظا ... فأحسن للغني وللفقير

ولا تمسك يديك عن قليل ... فإن الله يأتي بالكثير

قال تعالى «أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ» أي صاحب هذه الجنة وهو معطوف بالمعنى على أيود كأنه قيل: أيود أحدكم لو كانت له جنة «وَأَصابَهُ الْكِبَرُ» ولم يكن له غيرها ولا قدرة له على الكسب مع غاية احتياجه إليها «وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ» صغار عاجزون عن الكسب أيضا «فَأَصابَها إِعْصارٌ» ريح مستديرة مرتفعة إلى السماء كالعمود «فِيهِ نارٌ» عظيمة بدليل التنكير الدال على التهويل والتكبير «فَاحْتَرَقَتْ» تلك الجنة بسببها «كَذلِكَ» مثل البيان الواضح «يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ» على النفقة المقبولة وغير المقبولة «لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢٦٦) » فيهما فتعملون ما لا تندمون عليه يوم القيامة يوم لا ينفع الندم، وهذا مثل ثالث ضربه الله تعالى لعمل المنافق المرائي الذي يعدم ثواب نفقته في الآخرة، فالعمل في حسنة كالجنة المنتفع بها، واحتياجه لها في الدنيا كاحتياج الرجل يوم القيامة للثواب، وإحراقها وقت عجزه وهو بحالة يكون أحوج إليها من غيرها، كإبطال الثواب عند ما يكون أشد حاجة له يوم القيامة، فيلحقه من الغم والخسرة أكثر مما يلحق صاحب الجنة المحترقة لأنه قد يأمل إخلاصها بعد وفي الآخرة تنقطع الآمال. قال الحسن هذا مثل قلّ والله

<<  <  ج: ص:  >  >>