للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الملك من معاشرة الوضيع ومداناة السفيه، وقال كما تصلح النفس بمعاشرة الشريف تفسد بمخالطة السخيف، وكتب له رجل ينصحه بأن قوما سبّوك، فقال إن كان سبهم بألسنة شتى فقد جمعت ما قالوه في ورقتك. فجرحك أعجب ولسانك أكذب.

راجع الآية ١٧ من سورة النمل في ج ١ فيما يتعلق بالحكم والأمثال. ثم ذكر جل شأنه حكما آخر شاملا لكل أنواع النفقات فقال «وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ» خالصة لله أو مشوبة بشيء مما ذكر «أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ» مطلق للخير والشر فاوجبتموه على أنفسكم «فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ» ويجازيكم عليه بحسب نيتكم، فإما أن يخلف عليكم ما هو خير منه في الدنيا ويثيبكم عليه في الآخرة، وإما أن يكافيكم عليه بالدنيا بإشاعته على ألسن الناس، ويؤزركم عليه في الآخرة لأنكم لم تريدوا بها وجهه فتكونوا ظالمي أنفسكم «وَما لِلظَّالِمِينَ» المانعين رفدهم ولم يوفوا بنذورهم في الدنيا «مِنْ أَنْصارٍ (٢٧٠) » يدفعون عنهم عذاب الله يوم الجزاء في الآخرة. وقد قرر الله تعالى الوعيد على البشر في هذه الآية لبيان فظاعة حال البخيل الذي لم يؤد حق الله من ماله إلى عياله، وقد أيأسه من المعين والخليل عند ما يكون أحوج إليهما، واعلم أن الأمر في هذه الآية للوجوب لأنها أدلّ وأعم وأشمل آية على فرض الزكاة، فيدخل فيها الذهب والفضة وأرباح النجارات وحاصلات الزروع والأشجار وغيرها من كل ما يقتات به ويدّخر وما يكتسب من هذا وغيره، أما الذي لا يدّخر كالبطيخ بأنواعه والخيار بأصنافه وبعض الفواكه والخضار فلا زكاة فيها، وتفصيل ما يجب زكاته وما لا، ونصاب كل منها في المال والعروض والحيوان والحبوب مفصل في كتب الفقه فراجعها. قال أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله إن المراد بهذه النفقة التي أمرنا الله باختيارها من الطيبات هي الزّكاة المفروضة، لأن الأمر فيها للوجوب. وقال مالك إن المراد بها مطلق الصدقة، والأول جرى عليه أكثر العلماء والمفسرين، إذ لا نهي في الآية عن التصدق بالرديء، وهو مخصوص بصدقة الفرض. قال عبيدة السلماني سألت عليا كرم الله وجهه عن هذه الآية فقال نزلت في الزكاة المفروضة كان الرجل يعمد إلى التمر فيصرمه فيعزل الجيد ناحية، فإذا جاء صاحب الصدقة أعطاه الرديء، فقال تعالى (وَلا تَيَمَّمُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>