للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«فَالْفارِقاتِ فَرْقاً ٤» الملائكة الذين يفرقون بين الحق والباطل فيشكرون من يقوم بالأول ويمقتون الثاني، وسمي القرآن فرقانا لأنه يفرق بين الكذب والصدق وقيل هي فارقة السحب الحائلة بين تتابع الهواء كما قيل ان المراد بالناشرات الرياح التي تنشر لأخبار كالمذياع، وعليه ليكون من معجزات القرآن لفقدانه أبان نزوله «فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً ٥» الريح الشديدة المخوفة الملقية في النفوس اللجوء إلى الله تعالى، أو الملائكة الذين يلقون الوحي إلى الأنبياء بما يوحي لهم الله «عُذْراً» للمتقين المتمسكين به «أَوْ نُذْراً ٦» للمبطلين الذين يعرضون عنه أو عذرا من الله إلى خلقه على حد قوله تعالى: (وقالوا لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ) الآية ١٦٤ من الأعراف الآتية، أي لئلا يقولوا ما جاءنا من نذير. هذا، وقد جمع الله بين الرياح والملائكة في هذا القسم لمشابهتهم الرياح في اللطافة وسرعة الحركة، وجواب القسم «إِنَّما تُوعَدُونَ» به أيها الناس على لسان رسلكم «لَواقِعٌ ٧» لا محالة وانه سينزل بكم عند حدوث الآيات التي جعلت علامة على قربه المبينة في قوله تعالى (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ٨» ومحي نورها «وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ ٩» فتحت بالأبواب قال تعالى: (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً) الآية ١٩ من سورة النبأ في ج ٢ ولا مانع عقلي من ذلك سواء كانت جسما لطيفا أو صلبا، وأدلة استحالة الخرق والالتئام مخروقة هنا لا تشرى ولا تسام، لأنها لا تحول حول خوارق الملك العلام، هذا وسيأتي بحث الخرق والالتئام في تفسير الآية الأولى من سورة الإسراء والأولى من سورة القمر الآتيتين فراجعهما «وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ ١٠» قلعت وفتتت وصارت هباء منثورا راجع تفسير الآية ٥ من سورة القارعة المارة والآية ٨٨ من سورة النمل الآتية

«وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ ١١» حضّرت للميقات الذي وقته الله لهم للشهادة على أممهم وجمعت لذلك اليوم المشهود وإذا قلتم أيها الكفرة «لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ١٢» وأخرت المواعيد التي توعدنا بها من إنزال العذاب فقل لهم يا سيد الرسل «لِيَوْمِ الْفَصْلِ ١٣» بين الخلائق، ثم أتبع هذا التعجب الذي هو من خصائص ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>