للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي تكتبونه بما يخالف ما أنزل الله عليكم وتغيرون به كلام ربكم «وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ» الذي فيها «وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (٧١) أنه محرم عليكم، ذلك لأن طمر الحق ووضع الباطل محله كفر في جميع الكتب السماوية «وَقالَتْ طائِفَةٌ» أخرى من هؤلاء اليهود المعدودين «مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا» أظهروا الإيمان «بِالَّذِي» بالكتاب الذي «أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا» بمحمد «وَجْهَ النَّهارِ أوله وحينما تواجهون المؤمنين به «وَاكْفُرُوا آخِرَهُ» وهذا يدل على أن استعمال كلمة وجه بمعنى الأول، وعليه قول الربيع بن زياد:

من كان مسرورا بمقتل مالك ... فليأت نسوتنا بوجه نهار

وقيل في الوجه نفسه:

وما الوجه إلا واحد غير أنه ... إذا أنت عودت المزايا تعودا

«لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» (٧٢) عن دينهم لقد تفنن اليهود بالتلبيس لأنهم من جند إبليس فقد استجروا أولا معاذ بن جبل وحذيفة اليمان وعمار بن ياسر وجما وحببوا لهم دينهم وترك الإسلام فنزلت فيهم الآية المتقدمة قبل هذه فلم يتجحوا ثم صاروا يحرفون الكتب الإلهية ويغيرون ما فيها من نعت الرسول والبشارة والأمر باتباعه كما فعلوا زمن عيسى، فلم يفلحوا، ثم اخترعوا هذه الطريقة الثالثة فتواطأ منهم اثنا عشر رجلا من أحبارهم بأن يؤمنوا بمحمد بادىء الرأي، يكفروا به، ليبينوا للناس أنه تبين لهم أنه على غير الحق وأنه غير النبي المبعوث آخر الزمان المخبر عنه في كتابهم، ليشككوا الناس فيه، فنزلت هذه الآية فيه ليخبر حضرة الرسول أصحابه بما دبروه من الكيد والحيل ليكونوا على بصيرة أمرهم. تشير هذه الآية إلى أن اليهود دأبهم إضمار الشر للمسلمين، فيجب أن يحذروا من مكايدهم لأنهم جبلوا على السوء، وأنهم لا يحسنون ظنهم بمن هو ليس على دينهم، وإلى هنا انتهى قول اليهود والذي حكاه الله عنهم. ثم التفت يخاطب المؤمنين بعد أن بين لهم مطويات اليهود الخبثاء، فقال «وَلا تُؤْمِنُوا» أيها المؤمنون «إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ» وانقاد لأوامر شريعتكم، لأن النصير واجبة لبعضكم على بعض، وإياكم أن تركنوا لأقوال أهل الكتاب، فإنهم لا يودّ و

<<  <  ج: ص:  >  >>