للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شأنه سورا من كتابه ببعض حروف الهجاء على سبيل التحدي والتنبيه لكونه معجزا لا يضاهى، ودلالة على عظمته، أتبعه بالقسم فقال «وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ» العالي الشرف وجواب القسم هذا محذوف تقديره انه لبالغ الإعجاز وإنه جدير أن يؤمن به من يسمعه وأنه لحقيق أن يعذب جاحده، قال ابن عباس رضي الله عنهما ق جبل محيط في هذه الدنيا، وقال غيره معناه قضي الأمر بما هو كائن إلى يوم القيامة «بَلْ» إضراب عما تقدم من معنى القسم إلى ما هم عليه من الجهل فقال «عَجِبُوا» أولئك الكفار قوم محمد «أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ» رسول ينذرهم ويخوفهم عاقبة أمرهم إن أصروا على كفرهم وذلك المنذر «مِنْهُمْ» في أنفسهم عرفوا صدقه وأمانته ونسبه ومكانته وآيته في القرآن البليغ الذي هو في لغتهم ومع ذلك أعرضوا «فَقالَ الْكافِرُونَ هذا» الذي جاء به محمد من عند ربه «شَيْءٌ عَجِيبٌ ٢» غريب في بابه ونوعه إذ يقول فيه «أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً» فإنا نحيا مرة ثانية ونسأل عما فعلناه «ذلِكَ» القول الذي يخبرنا به في رجوعنا بعد الموت إلى حالتنا الأولى بعد تفتتها وفنائها «رَجْعٌ بَعِيدٌ» عن العقل لا يوافقه عليه أحد ولا يكاد يصدقه إذ لم يخبرنا به آباؤنا فلا يكون ذلك أبدا وكلامك هذا يا محمد مرجوع عليك لبعد إمكانه قال تعالى ردّا لاستبعادهم ذلك «قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ» من الموتى وما تأكله الأرض من لحومهم وتشربه من دمائهم وترمه من عظامهم بحيث لا يشتبه عليه جزء أحد من الآخر ولا يعزب عن علمه ما تداخل منها في تخوم الأرض وما دخل في بطون الوحوش «وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ ٤» بعددهم وأسمائهم وما ينقص منهم وما يبقى في كل لحظة. وفي هذا رد لاستبعادهم النشأة الأخرى، أي فالذي هو كذلك أيها الناس وقد خلقكم من العدم ألا يقدر على إعادتكم؟ بلى قال تعالى (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) الآية ٢٨ من الأعراف الآتية، ثم اتبع الأضراب عن معنى القرآن باضراب آخر عن مغزى الإعادة فقال «بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ» الحياة بعد الموت الثانية بالبراهين المتلوة عليهم من الأنبياء من لدن آدم بادي الرأي ولأول وهلة دون تفكر وتدبر كما أنكروا الإله والنبوة والقرآن ت (١٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>