للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللعن استحقاقا بنصّ الحديث المار ذكره، وعليه فان من أراد أن يكذب وينتسب قصدا أو رياء ليظهر للناس انه ذر نسب فيستحق اللعن وما هو بنافعه، لأن من لم يجعل الله له نورا فما له من نور لا بنسب ولا بغيره، على أن الأدب قد يغني عن النسب فيما يريده. قال غسان بن سعيد في ذلك:

من خانه حسب فليطلب الأدبا ... فقيه منيته إن حل أو ذهبا

فاطلب لنفسك آدابا تعزّ بها ... كيما تسود بها من يملك الذهبا

أما النسب فلا يغني عن الأدب، راجع الآية ١٠١ من سورة المؤمنين في ج ٢ وما ترشدك اليه. ورويا عن ابن عمر قال ان زيد بن حارثة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزلت هذه الآية فانتهينا. قال تعالى «النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» أي بعضهم من بعض فتكون طاعتهم له أولى من طاعة أنفسهم، لأنه لا يدعوهم إلا الى ما فيه نفعهم. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: ما مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا ان شئتم هذه الآية، فأيما مؤمن ترك مالا فلترثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينا أو ضياعا (بفتح الضاد عيالا) فليأتني فأنا مولاه. أي أوف عنه دينه وأعول عياله. وهو صلّى الله عليه وسلم لقد وكل خير اهل «وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ» لأن نكاحهن محرم على المؤمنين كافة بعده على التأييد كما سيأتي فمن هذه الجهة جاز تسميتهنّ أمّا ويستفاد من الآية انهن لسن بأمهات للنساء بل للرجال خاصة، لما روي عن مسروق أن امرأة قالت لعائشة، يا أمة، فقالت لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكن والآية خاصة فيهن لا تتناول أخواتهن أو بناتهن، ولا جميع أقاربهن لجواز زواجهن بهم «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ» على ترتيب الإرث، وكذلك في الميراث، وهذه كالآية من آخر سورة الأنفال المارة. قالوا كان المسلمون يتوارثون بينهم لأن الرسول آخى بينهم، وبقي ذلك إلى نزول آية الأنفال، فصار الإرث للأقرب نسبا أو رحما، وذلك لأن المسلمين كثروا وجاءوا بأهاليهم من دار الحرب إلى دار الإسلام، فصاروا يتوارثون بينهم بالأولوية ومن جهة الدين، لأن أقاربهم كانوا كفارا أو في دار الحرب، وان اختلاف الدين

<<  <  ج: ص:  >  >>