للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترددوا والمنافقون قطعوا بأن المؤمنين سيغلبون ويستأصلون والكافرون واليهود تهيأوا للفنك والغنيمة لأنهم رأوا أن المؤمنين صاروا بحوزتهم ففرحوا وصفّقوا وتكلموا بينهم كيف يقتسمون الرجال والمال والأنعام والأثاث

«هُنالِكَ» في تلك الساعة الرهيبة في تلك اللحظة العسرة «ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ» بالصبر والثبات والتوكل على الله ولكنهم ازعجوا «وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً» (١١) واضطربوا اضطرابا بليغا وماج بهم الخوف موجا عظيما بسبب احاطة العدو بهم ولولا قوة إيمان حلت بهم من الله لسلموا ولكن كبير ثقتهم بالله وعظيم صدقهم بوعده أحدثا في قلوبهم السكينة وتوقع نصر الله لهم دون تفككهم لأن منهم من جاهر بما يغضب الله ورسوله وهم المشار إليهم بقوله «وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ» عبد الله بن سلول ومتعب بن قشير وأضرابهم «وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» شك وريبة لضعف إيمان وعقيدة وقلة يقين وتصديق منهم، وقالوا «ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ» بالنصر على الأحزاب وبملك كسرى وقيصر واليمن «إِلَّا غُرُوراً» (١٢) أي إنهما غرونا بقولهم ذلك وموهوا علينا بتوسيع بلادنا لأن أحدنا الآن لا يستطيع أن يجاوز رحله «وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ» أي المنافقين ومن والاهم كأوس بن قبطي وأصحابه «يا أَهْلَ يَثْرِبَ» اسم لأرض المدينة وما حولها سميت باسم يثرب من العماليق، وقد نهى صلّى الله عليه وسلم أن تسمى المدينة بهذا الاسم لأن معناه غير لايق بها بعد أن شرفت بسيد الكائنات لأنه مأخوذ من التثريب بمعنى التقريع والتوبيخ، وسماها صلّى الله عليه وسلم طيبة لأنها كانت وخمة كثيرة الأمراض فطابت بسكنى الطيبين بها وزال عنها ما كان فيها «لا مُقامَ لَكُمْ» في هذا المكان أي محل القتال «فَارْجِعُوا» إلى منازلكم واتركوا معسكر الرسول ولا تقاتلوا معه إذ لا قبل لكم بهذه الأحزاب المحيطة بكم «وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ» من الذين مع الرسول أيضا وهم بنو حارثة وبنو سلمة «النَّبِيَّ يَقُولُونَ» ينتحلون سببا للمغادرة من موقع القتال «إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ» خالية لا أحد فيها وهي مما يلي العدو ونخشى عليها السرقة، فأذن لنا نذهب نحافظها، فكذبهم الله بقوله «وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً» (١٣) من القتال وتقليل سواد المسلمين والغدر بهم «وَلَوْ دُخِلَتْ» تلك

<<  <  ج: ص:  >  >>