للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أجل النساء قال في هذه الآية (وَأَخَذْنَ) أي كأنهن اللائي قد أخذن هذا الميثاق على الرجال، ألا فليتق الله الرجال وليتمسكوا بأوامر الله تعالى ووصايا رسوله صلّى الله عليه وسلم في حق النساء. وفي هذه الآية دليل على جواز كثرة المهر، روي أن عمر بن الخطاب قال يوما على المنبر: لا تغالوا في مهور النساء، فقالت امرأة يعطينا الله وتمنعنا أنت! وتلت عليه هذه الآية، فقال: امرأة أصابت وأمير أخطأ، وأنّب نفسه رضي الله عنه، فقال كل الناس أفقه منك يا عمر. انظروا رحمكم الله لقوله هذا وهو أفقه وأعلم الناس إذ ذاك وهو أميرهم وسيدهم وخليفة الله في أرضه، ثم قال رضي الله عنه كنت نهيتكم عن زيادة مهور النساء فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب فليعط. وهذا الرجوع يعد فضيلة لسيدنا عمر رضي الله عنه لا طعنا كما قال بعض الشيعة من أنه وحاشاه جهل هذه القضية، لأن الجهل مناف للإمامة، على أن الآية ليست نصا في غلاء المهور، وليست مانعة من قلتها، وإلا لما قال صلّى الله عليه وسلم: خيرهن أقلهن مهرا. وقد وقع لعلي كرم الله وجهه أنه سئل عن مسألة فقال فيها، فقال له السائل ليس هكذا ولكن كذا وكذا، فقال أصبت وأخطأنا وفوق كل ذي علم عليم. وقد وقع لداود عليه السلام ما قص الله لنا عنه راجع الآية ٧٨ من سورة الأنبياء في ج ٢، بل تعد فضيلة عظيمة له رضي الله عنه ولكن لا علاج لداء البغض والعناد، ومن يضلل الله فما له من هاد.

وغاية ما في هذه الآية النهي عن أخذ المهر من المرأة التي يريد الرجل طلاقها كراهة فيها، وجاءت كلمة القنطار على طريق المبالغة والزجر ليس إلا، وما قيل إن هذه منسوخة بالآية ٢٢٩ من البقرة المارة قيل لا صحة له، بل هي محكمة والحكم الذي فيها هو الأخذ بغير طيب نفس، وهناك الكراهة من الزوجة، لذلك أجاز أخذ الفداء فيها بخلاف هذه، وتلك مقدمة والمقدم لا ينسخ المؤخر البتة، وكذلك لا وجه لقول القائل إن هذه الآية ناسخة لآية البقرة لما ذكرنا من أن الأخذ هناك بمقابلة فداء نفسها بسبب كراهتها زوجها وهو عن طيب نفس منها لأنها هي المقصرة، ومنا على العكس، لأن القصور كله منه، ويريد هذا القائل منع الخلع مطلقا وينسى قوله صلّى الله عليه وسلم لحبيبة بنت سهل الأنصاري الذي أوردنا ذكره في الآية المذكورة من

<<  <  ج: ص:  >  >>