للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرسلون من الله، ومتفقون على أصول الدين والتشريع، ولأن ثمود منحدرون من عاد التي كذبت هودا فلما كذبوا صالحا فكأنهم كذبوا هودا أيضا فمن قبله، ثم بين صورة تكذيبهم بقوله: «فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ» أي لا نتبع واحدا منا لأن الاستفهام انكاري ولا يجاب إلا بلا كما أن الاستفهام التقريري لا يجاب إلا ببلى مثل (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) وقالوا «إِنَّا إِذاً» إذا اتبعنا فردا من جنسنا «لَفِي ضَلالٍ» عن الصواب والسداد منحطين عن الحق والهدى «وَسُعُرٍ ٢٤» جنون أو جمع سعير أي في شدة من العذاب وهذه الجملة في الأصل قول صالح عليه السلام لهم بأنكم إذا لم تتبعوني تكونوا في ضلال عن الحق في الدنيا وفي سعر النار في الآخرة فعكسوا عليه قوله لتعنتهم وعتوهم المشعر به حكاية الله عنهم وقالوا «أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ» الوحي الذي يزعم أنه نزل «عَلَيْهِ» من ربه «مِنْ بَيْنِنا» وفينا من هو على زعمهم أحق منه به وهذا كقول قريش في الآية ٣١ من سورة الزخرف في ج ٢ «بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ٢٥» متكبر حمله بطره لأن يتعظم علينا مع أن فينا من هو أحسن منه للنبوة، فرد الله عليهم رد تهديد وتخويف بقوله عز قوله: «سَيَعْلَمُونَ غَداً» حين نزول العذاب بهم «مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ ٢٦» هم أم هو «إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ» نختبرهم فيها هل يمتثلون أمرنا أم لا «فَارْتَقِبْهُمْ» يا صالح وانظر ماذا يفعلون بها «وَاصْطَبِرْ ٢٧» على أذاهم ولا تعجل عليهم، وأصل اصطبر اصتبر فأبدلت التاء طاء وهكذا كل ما كان فعله افتعل فان تاءه تقلب طاء، وهو مبالغة اصبر «وَنَبِّئْهُمْ» يا رسولي «أَنَّ الْماءَ» الموجود في القرية هو «قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ» يوم للناقة ويوم لهم كلهم «كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ ٢٨» في نوبته قال قوم صالح ان كنت نبيا فأخرج لنا من هذه الصخرة ناقة فدعا الله فأجابه وامتحنهم بقسمة الماء فأبوا وأجمعوا على قتلها الدال عليه قوله «فَنادَوْا صاحِبَهُمْ» الذي أجمع رأيهم عليه بأن يتولى قتلها «فَتَعاطى» اجترأ دون اكتراث بأنها آية الله على صدق نبيهم «فَعَقَرَ ٢٩» الناقة بالسيف الذي ناولوه إياه «فَكَيْفَ كانَ عَذابِي

<<  <  ج: ص:  >  >>