للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»

رضوا به أن يكون ربا لهم ومدبرا لأمورهم، ورضوا عنه بما يقضي عليهم ويدبر لهم «ذلِكَ» الجزاء المبارك الطّيب الحسن يكون «لِمَنْ خَشِيَ عليهم رَبَّهُ» (٨) في الدّنيا عن علم وإدراك ويقين، لأن خشية الله هي الأساس المتين المانعة عن كل ما لا يرضيه، راجع الآية ٢٨ من سورة فاطر في ج ١، روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال النّبي صلّى الله عليه وسلم لأبي بن كعب إن الله أمرني أن أقرأ عليك (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) السورة قال أبي وسماني يا رسول الله؟

قال نعم، فبكى فرحا وسرورا وخشية وإجلالا لله تعالى. وفي رواية البخاري زيادة وقد ذكرت عند رب العالمين؟ قال نعم، فذكر أن فاضت عيناه. ففي هذا الحديث بشارة عظيمة في فضل أبي بن كعب رضي الله عنه، وإعلام بمعرفته لقراءة كتاب الله كما يريده الله، وهي منقبة خص بها لم يشاركه فيها أحد من الأصحاب، وإيماء إلى أن هذه السّورة التي اختارها الله بأن يقرأها رسوله على أبي جامعة معانيها لأصول وفروع وقواعد تتعلق بأمر الدّين والدّنيا، خطوات جليلات ومهمات عظيمات، على قلة مبانيها. واعلم أن الحكمة من قراءتها من قبل النّبي صلّى الله عليه وسلم على أبي هو في الحقيقة تعليمه ألفاظها وكيفية النّطق بها ووزن كلماتها، ليأخذها النّاس عنه كما تلقاها من حضرة الرّسول لأنه هو أحد القراءة المشهورين الّذين يؤخذ عنهم القرآن وإيذان للناس بلزوم قعله ولو ممن هو دونهم بالفضل، لأن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها، واعلام باحترام حملة القرآن ومعلميه وتعظيمهم. هذا والله أعلم. واستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين.

تفسير سورة الحشر عدد ١٥- ١٠١- ٥٩

نزلت بالمدينة بعد سورة البينة. وهي أربع وعشرون آية وأربعمائة وخمس وأربعون كلمة والف وتسعمئة وثلاثة عشر حرفا. وقد بينا السّور المبدوءة بما

<<  <  ج: ص:  >  >>