للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَنْعامِ»

أضحية وهديا، وإذا فعلتم هذا أيها النّاس امتثالا لأمري «فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ» (٢٨) الذي لا شيء عنده. كانت العرب في الجاهلية لا تأكل لحوم ضحاياها وهداياهم، فأمر الله تعالى بمخالفتهم وأباح لعباده الأكل منها، أخرج مسلم عن جابر بن عبد الله في قصة حجة الوداع قال وقدم علي كرم الله وجهه ببدن من اليمن وساق رسول الله مئه بدنة فنحر منها ثلاثا وستين بيده الشريفة صلّى الله عليه وسلم، ونحر عليّ ما نحر أي ما بقي، وأشركه في بدنه، وفي عدد ما نحره صلّى الله عليه وسلم إشارة إلى مدة حياته إذ توفي في الثالثة والسّتين من عمره، وفي هذا يعلم أن حضرة الرّسول قد أعطى من القوة ما لم يعطها غيره قط، لأن أحدا لا يقدر على نحر عشر من الإبل دفعة واحدة، فهو أكمل الخلق مادة ومعنى وخلقا وخلقا وقلبا وقالبا وروحا وجسما. ثم أمر من كلّ بدنة ببضعة أي قطعة فجعلت في قدر وطبخت، فأكل منها وشرب من مرقها، مما يدل على جواز الأكل من لحوم الأضحية دون قيد أو شرط. وقد اختلفت الأئمة في ذلك فمنهم من جوز الأكل من الهدايا الواجبة كدم التمتع والقرآن وما جبر بإفساد شيء من واجبات الحج وجزاء العيد، واتفقوا على جواز الأكل من جميع هدايا التطوع والأضحية إذا لم تكن منذورة

، وإذا أريد بالأيام عشر ذي الحجة يراد بالذكر مطلقه وما يتلى غالبا في أيّام الحج. قال تعالى «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ» أي لينتهوا من إزالة أدرانهم وأوساخهم ويقصوا شعورهم وأظفارهم ويستحدوا (يحلقوا عانتهم) وينتفوا آباطهم ويغيروا ما أحرموا به بالثياب النّقية، لأن الحاج مادام محرما أشعث أغبر «وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ» التي التزموها وأوجبوها على أنفسهم. وهذه الآية عامة في الحاج وغيره وإن ورودها في معرض الحج لا يقيدها بالحاج، وهذا الأمر للوجوب وقدمنا ما يتعلق بهذا في الآية ٧ من سورة الإنسان والآية ١٧٠ من البقرة المارتين «وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» (٢٩) يكثروا الطّواف فيه بدليل تضعيف الفعل وسمي عتيقا لأنه أول بيت وضع للناس كما مر في الآية ٩٧ من آل عمران المارة والمراد بهذا الطّواف طواف الإفاضة وأول وقته يوم النّحر بعد الرّمي والحلق، ويسمى طواف الزيارة وهو أحد فرائض الحج الثلاثة وأولها الإحرام وثانيها

<<  <  ج: ص:  >  >>