للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»

(٧) لا تخفى عليه خافية، وإنما خص الثلاثة والخمسة في المشاورة لأن العددين أقل ما يكفي في المشاورة، ولأن الاثنين يوشك أن يتفقا على غلط أو يتخالفا في الرّأي فالثالث يكون كالحكم. ويوشك أن ينقسم كل اثنين من الخمسة فيذهب إلى رأي فيكون الخامس كالحكم أيضا يرجح رأي من ينضم إليها، فينم الغرض الذي من أجله شرعت المشاورة. قال تعالى «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى» وهم اليهود والمنافقون إذ كانوا إذا رأوا المؤمنين طفقوا يتناجون بينهم قصدا كي يظن المؤمنون أنهم قد علموا سوء بسراياهم وغزاتهم فيحزنون، فشكوهم إلى الرّسول فمنعهم من ذلك ولم يمتنعوا، فأنزل الله فيهم هذه الآية «ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ» من النّجوى ولم يمتثلوا أمر الرسول «وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ» إساءة له ولأصحابه «وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ» أولئك الخبثاء «بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ» فيقولون السّام عليك بدل السّلام وراعنا بدل انظرنا واسمع غير مسمع كما مر في الآية ١٠٤ من البقرة ومع هذا فإن الرّسول يغض عنهم ولا يرد عليهم مع علمه بنياتهم بذلك، ولذلك تمادوا في مثل هذه الألفاظ المراد بها غير ظاهرها المعروف «وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ» في شأن محمد وأصحابه وعليهم وهو يزعم أنه نبيه لفعل إذ لا يعجزه شيء ولا يغفل عما نقول، فلو كان نبيا لانتقم له منا ولكنه ليس بني قاتلهم الله، بلى والله إنه لنبي وإن الله معذبهم على ذلك ومنتقم لنبيه منهم إذ يقول جل قوله «حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ» عذابا يوم القيامة «يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ» (٨) هي لمن يصلى بها، روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت دخل رهط من اليهود على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالوا السام عليك، قالت عائشة رضي الله عنها فقلت عليكم السّام واللّعنة، قالت فقال رسول الله مهلا يا عائشة ان الله يحب الرّفق في الأمر كله، فقلت يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا قال قد قلت وعليكم أي أنه سمع ويرد عليهم قولهم بحيث كأنه لم تحاشيا عن المقابلة بالسوء. قال تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم «إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>