للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امتنعا من إعادة مروان بن الحكم من منفاه لأن حضرة الرّسول طرده من المدينة لأنهم لا يخالفون رسولهم قيد شعرة قولا ولا فعلا حيا كان أو ميتا، وهذا مما يدل على صحة ما ذكرناه وعلى أن الدّاعي هو حضرة الرّسول لا أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما. واعلم أن من قال أن الدّاعيين أبو بكر وعمر استدل على صحة خلافتهما، إذ وعد المدعوين بالثواب على طاعة الدّاعين وليس بشيء، وخلافتهما لا يمتري فيها إلّا منافق أو حسود فاسق. ولما سمع الزمنى والمرضى والعرج والعميان هذه الآية قالوا كيف حالنا يا رسول الله؟ فأنزل الله جل شأنه «لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ» في التخلف عن الجهاد لعدم قدرتهم على الكر والفر ويدخل في هذه الآية الفقير الذي لا يمكنه استصحاب ما يلزمه من أدوات الجهاد ولم يمنحه الإمام أو الأمير شيئا يكفيه لذلك ويدخل في هذه الآية من يمرض المريض كما سيأتي في الآيتين ٩٣ و ٩٤ من سورة التوبة الآتية، أما ما جاء في آية النّور ٦٢ المارة المضاهية لهذه الآيات من حيث اللّفظ فهي في حق الأكل لا في حق الجهاد إذ كلّ منها جاءت لمناسبة ما قبلها «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ» عن

أمرهما ويعرض عنهما «يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً» (١٧) في الدنيا والآخرة. قال تعالى «لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ» من الصّدق والإخلاص في بيعتهم لك والوفاء بما عاهدوك به وواثقوك عليه، لأنهم صرحوا بالموت وعدم الفرار في مبايعتهم وما بعد هذا من وفاء كما علم ما في قلوب المنافقين من الشّك والنّفاق والظّن السّيء «فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ» وثبتهم واطمأنت نفوسهم «وَأَثابَهُمْ» على ذلك «فَتْحاً قَرِيباً» (١٨) لأراضي خيبر وقراهم «وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها» منها ومن غيرها فيما يأتي من الزمن إلى يوم القيامة إن شاء الله «وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً» (١٩) ولم يزل كذلك على الدّوام والاستمرار «وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ» مغانم خيبر لتسدوا حاجتكم فيها، وهي في جنب ما يأتيكم بعد قليل من كثير، وفيها إشارة إلى كثرة

<<  <  ج: ص:  >  >>