للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلب مصاب بدودة (الأكيزكوس) فيلتصق بعض بويضاتها المتناثرة من براز الكلب على شعره، فإذا تناول الشّخص طعاما بعد ذلك تكونت في الحوصلة في كبده أو في الرّئتين أو في المخ، وقد ينشأ عنه الموت، ولهذا فإن البلاد التي يكثر فيها احتكاك الإنسان بالكلب يكون هذا المرض فيها متفشيا، حتى انه بلغ عدد المصابين بذلك في ايسلندا ومراعي اوستراليا ١٥ في ١٠٠، وقد حفظ الله البلاد الإسلامية من هذا الدّاء لتجنب أهلها مباشرة الكلاب اتباعا لتحريض الشّرع الشّريف عن مقاربتها، وهذا من جملة الحكم البالغة فهنا لها ديننا الحنيف الذي أنجبت تعاليمه العظماء الّذين دان لهم الدّهر بالفضائل، وإن الأمة الإسلامية العربية لم تصل إلى العزّة والمجد وتملك الشّرق والغرب إلّا بفضل تمسكها بتعاليم دينها السّامية ولم ينحط قدرها ويتسلط عليها عدوها إلّا عند ما تقاعست عن تلك التعاليم حتى صاروا على ما هم عليه الآن من ذل وهوان واستعمار، اللهم وفقهم للعود الى دينك كما أردت، واهدهم لما فيه رشدهم. واعلم أن تحريم أكل الميتة لا يسري الى عدم الانتفاع بشعرها وجلدها وعظمها كما جرى عليه أبو حنيفة رضي الله عنه خلافا لما ذهب اليه الشّافعي رحمه الله في ذلك، وأجاز مالك الانتفاع بعظمها فقط، وإن تحريم أكل الحيوان المنصوص عليه في هذه الآية مؤيد بقوله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) الآية ١٤٦ من سورة الأنعام والآية ١١٦ من سورة النّحل في ج ٢ وآية البقرة ١٧٢ المارة، فالتنزيل المكي والمدني اقتصر على تحريم الميتة والدّم والخنزير، وما في آية المائدة هذه يدل على أن تناول غيرها من الحيوان جائز بدليل قوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) الآية ٤٠ من البقرة، وهذه الآية الكريمة وإن كانت تفيد الإطلاق إلّا انها تقيدت بما ورد في الآيات الأخر المذكورة أعلاه وهو ظاهر القرآن، فلا يحتاج لتأويل أو تفسير أو قياس، والمطلق يحمل على المقيد كما أشرنا إليه آنفا. هذا وقد أورد الفقهاء في كتبهم أحاديث صحيحة جاءت عن حضرة الرّسول بتحريم أكل كلّ ذي ناب من السباع وكلّ ذي مخلب من الطّير والحمير الأهلية، فعلى الورع أن يتقيد بما جاء عن حضرة الرّسول لأنه لا ينطق عن الهوى، وقد أمر الله بذلك فقال عز قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>