للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير جائز، وكذلك الترتيب لأن العطف بالواو لا يفيد ترتيبا ولا تعقيبا بلا خلاف عند اللّغويين كافة، ولم تأت الآية بالفاء أو ثم المفيدين لذلك، أما حديث النّيات فيفيد كمال الأعمال لا نفسها، ولا الفاء في قوله فاغسلوا ملتصقة بذكر الوجه واقعة في جواب إذا ليس إلا، فظهر من هذا أن فروض الوضوء أربعة لا غير، وما قيل أن الوضوء كان واجبا لكل صلاة ثم نسخ قيد واه لا حقيقة له، وقد قال صلّى الله عليه وسلم المائدة في آخر القرآن نزولا فأحلّوا حلالها وحرموا حرامها، وحديث سنيّة الوضوء على الوضوء لم يقصد منه إلّا زيادة الأجر، وان ما قال الإمامية أن الرّجلين ممسوحة لا مغسولة استنادا لما جاء عن ابن عباس أنه قال الوضوء غسلتان ومسحتان ووافقه عليه قتادة وقول أنس نزل القرآن بالمسح والسّنة بالغسل، وقول عكرمة ليس في الرّجلين غسل انما نزل فيها المسح، وقول الشّعبي ألا ترى أن ما كان عليه الغسل جعل عليه التيمم، وما كان عليه المسح أهمل، وقول

ذوو الظّاهري يجمع بين الغسل والمسح، وقول الحسن البصري يخير المكلف بين الغسل والمسح فهذا كله أخذ على ظاهر القرآن من قراءة الجر غير المتواترة، أما على قراءة النّصب المتواترة والتي عليها المصاحف المجمع عليها فلا يتجه. ولهذا قال جمهور العلماء من الأصحاب الكرام والتابعين والأعلام والأئمة الأربعة بكونها مغسولة بفعل النّبي صلّى الله عليه وسلم والتحديد الوارد في الآية، لأنه جاء في المغسول لا الممسوح، ولهذا لم يجعل الله تعالى حدا لمسح الرّأس كما جعله في الأيدي والأرجل، فلو كانت الأرجل ممسوحة لما قال الى الكعبين، وهذا كان في الغسل لا يقابله قول ما، وأما من قال ان الجر في (وَأَرْجُلَكُمْ) من عطف المجاورة مثله في (هذا حجر ضب ضرب) بجر ضرب على أنه نعت لحجر لا لضب فليس بجيد، لأن الجر على المجاورة انما يكون لضرورة أو عند حصول الأمن من الالتباس كما في المثل على حد قولهم خرق الثوب المسمار برفع الثوب ونصب المسمار لمعلومية عدم الالتباس، وفي الآية ليس كذلك، ولم تنطق به العرب مع حرف العطف، فظهر أن الغسل ثابت بنص القرآن المفسر بفعل الرّسول صلّى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري ومسلم عن عمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنهما أن عثمان دعا بإناء فأفرع على كعبه ثلاث مرات

<<  <  ج: ص:  >  >>