للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر للوجوب لأنه لم يقيد ولم يعلق على شيء وما كان كذلك فهو واجب امتثاله لا مندوب، والعدل أساس الملك وهو مبعث الرّاحة للعامة والخاصة، وملاك كل شيء وقوام الأمور بين النّاس، وهو الأصل الذي يرجع إليه في الدّنيا والآخرة قال تعالى «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» بما عاهدهم عليه وواثقهم به وماتوا على ذلك فيكون «لَهُمْ مَغْفِرَةٌ» عامة لذنوبهم وستر شامل لعيوبهم في الدّنيا «وَأَجْرٌ عَظِيمٌ» (٩) في الآخرة لا أعظم منه، وناهيك به أنه من الرّب العظيم ولا يعطي العظيم إلّا العظيم. قال تعالى «وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا» ونكثوا عهودنا ونقضوا مواثيقنا وخانوا أمانتنا «أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ» (١٠) لجورهم في الأحكام وكتمهم للشهادة وميلهم عن الحق في أقوالهم وأعمالهم خبيثو النّيات الّذين يموتون مصرين على قبائحهم يحرفون فيها لأنهم أهلها كما أوعدهم الله على لسان أنبيائهم وفي هذه الجملة اشارة الى خلودهم في النّار لأن المصاحبة تقتضي الملازمة، وفيها دلالة على أن غيرهم لا يخلدون في النّار

قال تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ» كررت هذه الجملة للتأكيد بلزوم تذكر النّعمة وشكر المنعم والشّكر بمقابل النّعمة واجب ولغيرها مندوب، وهذه النّعمة غير تلك المذكورة في الآية السّابقة لأنها لمطلق التذكر وهذه بمقابل ما أزاله عنهم ورفعه المبين بقوله «إِذْ هَمَّ قَوْمٌ» هم بنو ثعلبة وبنو محارب «أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ» بأن يهلكوكم حينما أحرمتم بالصلاة إذ أجمعوا على الغدر بكم إذ ذاك «فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ» وحماكم من كيدهم وحال دون غيرهم بكم «وَاتَّقُوا اللَّهَ» الذي وقاكم من مثل هذه الأمور دون حول منكم ولا قوة ولا علم ولا مشاهدة لتراقبوه في جميع شؤونكم وتوكلوا عليه حالة الشّدة والرّخاء «وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» (١١) به المصدقون بوعده، وهذه حادثة قديمة يذكر الله بها رسوله وأصحابه المؤمنين عند ما أراد بنو كاسب وبنو ثعلبة أن يفتكوا به وبأصحابه حين اشتغالهم بالصلاة، فاطلع الله رسوله على سريرتهم، وأنزل صلاة الخوف المار ذكرها في الآية ١١١ من سورة النّساء، والحادثة التي أنعم الله بها على رسوله مثل الحادثة

<<  <  ج: ص:  >  >>