للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسرائيل، وفرق العمال في نواحيها، وجمع الغنائم فأطلق عليها النّار فلم تأكلها، فقال إن بكم غلولا أي سرقة من الغنائم لأنها لم تبح لهم ولا لغيرهم إلّا لمحمد وأصحابه وأمته بعده، راجع الآية ٤١ من سورة الأنفال وأولها تجد هذا البحث مستوفى فيهما، ولمعرفة السّارق أمر سيدنا يوشع بحضور رجل واحد من كلّ قبيلة ليبايعه فتهافت النّاس ولم يزل يصافحهم واحدا بعد واحد حتى لصقت يده بيد رجل منهم، فقال له أن الغلول فيكم، فأتوا به ثم جازا له برأس ثور من ذهب مكلل بالجواهر كان اختلسه رجل منهم فأحضر فوضعه هو والرّأس في القربان فأكلتهم النّار، قال تعالى «وَاتْلُ عَلَيْهِمْ» يا سيد الرّسل «نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ» هابيل وقابيل، وهذه قصة أخرى يقصها الله على رسوله من أمر غيبه اخبارا «بِالْحَقِّ» ليذكرها لقومه «إِذْ قَرَّبا قُرْباناً» هو اسم لما يتقرب به إلى الله تعالى من صدقة أو ذبيحة أو نسك أو غيره «فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما» هابيل بأن جاءت نار من السّماء فأكلته «وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ» قابيل إذ بقي قربانه في الأرض فأكلته الطّير والسّباع «قالَ» قابيل حاسدا لأخيه هابيل إذ تقبل قربانه دونه «لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ» ولم ولم أخطئ؟ قال لردّ قرباني وقبول قربانك «قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ» (٢٧) بأسه التمثيل أمره ثم قال له بعد أن ذكره عقاب الله إن فعل ما أراده وعذابه العظيم عليه، لأن ردّ القربان ليس له به دخل إنما هو أمر الله، واستعطفه واسترحمه فلم ينجح به فقال «لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي» من أجل عدم قبول قربانك الكائن من الله وحده، فافعل ما بدا لك، فإني لا أقابلك «ما أَنَا بِباسِطٍ» مادّ «يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ» كما انك مادّها لتقتلني «إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ» (٢٨) وذلك لأن الدّفاع عن النّفس لم يشرع بعد، وإلّا فهو أقوى منه على ما قالوا، ثم قال له على طريق التخويف من العاقبة «إِنِّي أُرِيدُ» بعدم إرادتي قتلك وعدم الذبّ عن نفسي «أَنْ تَبُوءَ» تحتمل وترجع إلى الله «بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ» الذي لم يقبل لأجله قربانك، كما سيأتي بالقصة «فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ» الخالدين فيها كما يفهم من معنى الصّحبة «وَذلِكَ» الجزاء

<<  <  ج: ص:  >  >>