للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدم فما دونه كان كفارة له من يوم ولدته أمه. وأخرج الترمذي عن أبي الدّرداء قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول ما من رجل يصاب بشيء من جسده فيتصدّق به إلا رفعه الله درجة وحط عنه به خطيئة. وأخرج أبو داود والنّسائي عن أنس قال ما رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم رفع اليه بشيء فيه قصاص إلّا أمر فيه بالعفو «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» (٤٥) أنفسهم وأتباعهم وقدمنا ما يتعلق بالقصاص في الآية ١٧٩ من البقرة فراجعها وقدمنا أنواع القتل والدّيات في الآيتين ٩٢ و ٩٣ من سورة النّساء المارة فراجعها. قال تعالى «وَقَفَّيْنا» عقبنا واتبعنا «عَلى آثارِهِمْ» أي النّبيّين «بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ» وكلّ ما هو أمام الرّجل هو بين يديه «وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ» معدلا لبعض أحكامها، يوافق عصره ويصلح لأمته «فِيهِ هُدىً» للناس وتخفيف على أمته وتيسييرا لما هو عسير وتسهيل ما هو شاق «وَنُورٌ» يستضيء به من آمن وصدق بعيسى في زمانه حتى بعثة محمد صلّى الله عليه وسلم «وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ» ولا تكرار هنا لأن ضمير مصدقا في الآية الأولى يعود إلى عيسى، وفي هذه يعود إلى الإنجيل «وَهُدىً» يهتدي به من اتبع أحكامه إلى طريق الصّواب، ولأن فيه بشارة بمحمد صلّى الله عليه وسلم يهتدي بها ممن وفقه الله للسداد «وَمَوْعِظَةً» لما فيه من الأمثال والزواجر والعبر «لِلْمُتَّقِينَ» (٤٦) لأنهم هم الّذين ينتفعون فيه «وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ» على أنفسهم وغيرهم على السّواء «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ» (٤٧) الخارجون عن الطّاعة المتجاوزون حدود الله. أخرج مسلم عن البراء بن عازب قال أنزل الله تبارك وتعالى ومن لم يحكم ومن لم يحكم ومن لم يحكم إلخ الآيات في الكفار كلها. وقال العلماء إن الآيات المذكورات نزلت في الكفار وفيمن غير حكم الله من اليهود ومن ترك الحكم بكتاب الله ردا لكتاب

الله، ومن يدل حكم الله وحكم بغيره عمدا مختارا فيخرج المخطئ والسّاهي والمكره، ويفسق غير الجاحد، وهذا هو الموافق لعموم الآيات، فكان في الحديث الأوّل اقتصار، وجاء التخصيص فيما أخرج أبو داود

<<  <  ج: ص:  >  >>