للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما حرّفتموه وغيّرتموه منهما «وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ» من الكتب الأخرى فتقيمونها أيضا على ما كانت عليه. واعلموا أن إقامتها لا تكون إلّا بإعادتها على ما كانت عليه عند نزولها ومراعاتها والمحافظة عليها والعمل بما فيها الذي من جملته الايمان بمحمد صلّى الله عليه وسلم وكتابه الذي أنزل إليه من ربه الذي أنزل تلك الكتب على أنبيائكم الأوّل، فإذا لم تؤمنوا بمحمد وتصدقوا كتابه فلستم بمؤمنين بشيء منها، ولهذا قال تعالى «وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ» وهو القرآن «طُغْياناً وَكُفْراً» زيادة على ماهم عليه لعدم الإيمان به، وإذا كانوا كذلك وأصروا على ماهم عليه فهم كفرة «فَلا تَأْسَ» يا حبيبي ولا تحزن «عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ» (٦٧) بك وبكتابك، فإن ضرر كفرهم عليهم وإن عدم إيمانهم بك وجحدهم كتابك وعدم إقامتهم ما في كتبهم كفر، والكافر لا يعبأ به، وقدمنا في سورة فصلت الآية ٤٢ ج ٢ أن القرآن نور لأناس، ضلال لآخرين، فراجعها. قال تعالى «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا» بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم كالمنافقين «وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ» قال في شذور الذهب رفع باعتباره معطوفا على محل ان الّذين آمنوا إلخ، لأنه مرفوع بالابتداء، والخبر محذوف تقديره كذلك، فكأنه قيل إن الّذين آمنوا بألسنتهم من آمن منهم بقلبه إلخ فلا خوف عليهم إلخ والصّابئون والنّصارى من آمن منهم إلخ فلا خوف إلخ، وقد حذف من الثاني بدلالة الأوّل، ومثل هذه الآية من جهة أشكال الإعراب الآية ١٦٢ من سورة النّساء المارة، وهي (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ) إلخ، فإنها نصبت على المدح، تقديره وأمدح المقيمين، وإنما قطعت هذه الصّفة عن بقية الصّفات لبيان فضل الصّلاة على غيرها. وقرأ أبي بن كعب الصّابئين بالياء، وعلى قراءته لا أشكال في الاعراب وهناك أوجه أخرى في إعراب هاتين الكلمتين من الآيتين المذكورتين أعرضنا عنها لأنها دون ما جرينا عليه كما سيأتي، ونظير هذه الآية ٦٢ من البقرة المارة وكذلك آية طه ٦٣ وهي (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) فيها أشكال من حيث الاعراب بيناه فيها، فراجعه. واعلم أن من يعرف العربية يجد لكل وجهة في الاعراب فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>