للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن أتتك عن مسألة وكلت إليها، وإن أتتك من غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك.

مطلب تحريم الخمر بتاتا وأسباب هذا التحريم وذم الخمر والميسر وشبههما والحكم الشّرعي فيه وضرره في الوجود:

قال تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ» راجع الآية ٣ المارة من هذه السّورة عن معناها ومعنى «وَالْأَزْلامُ» أيضا وكيفية استعمالها فكل هذه الأربعة «رِجْسٌ» خبث نجس مستقذر «مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ» الذي يزبنه للناس يغويهم بها ويدعوهم إليها «فَاجْتَنِبُوهُ» تباعدوا عن هذه الأشياء كلها ولا تقربوها، وأفرد الضّمير بسبب عوده إلى الرّجس المشتمل عليها كلها «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (٩٠) في أموركم وتفوزون بأعمالكم وتنجحون بأقوالكم وتتحفظون من كلّ ما يضركم

«إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ» بتزيينه لكم هذه القبائح الأربعة الخبيثة «أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي» شرب «الْخَمْرِ وَ» لعب «الْمَيْسِرِ» القمار «وَيَصُدَّكُمْ» بسببها «عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ» الذي ينبغي لكم المداومة عليه قياما وقعودا وعلى جنوبكم «وَعَنِ الصَّلاةِ» المكتوبة عليكم يريد صدكم عنها فيشغلكم بذلك «فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» (٩١) عن ذلك كله أيها النّاس وتاركو هذه الأرجاس المضرة في دينكم ودنياكم وعاقبة أمركم؟

وهذا أبلغ من قوله (انْتَهُوا) لأن الله تعالى يقول قد بينت لكم ما فيها من المضار والصّوارف والموانع والزواجر بعد أن ذممتها لكم قبلا، أفلا تنتهون عنها بعد ذلك كأنكم لم توعظوا بعد! ثم أعقب ذلك الزجر بقوله جل قوله «وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ» فيما يأمرانكم به وينهيانكم عنه «وَاحْذَرُوا» كل الحذر من مخالفتهما، لأنهما لم يأمراكم إلّا بما فيه نفعكم، ولم ينهياكم إلّا عما يضركم، فضلا عن وجوب الطّاعة لهما عليكم مطلقا «فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ» بعد هذا البلاغ وهذا الانذار ولم تنتهوا عن شرب الخمر ولعب الميسر «فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ» (٩٢) وعليكم منا العقاب الأليم إذا أصررتم على تعاطيهما. ففي هذه الآية من التهديد والوعيد والزجر الشّديد والتخويف العظيم ما لا يخفى. واعلموا

<<  <  ج: ص:  >  >>