للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه بعض المفسرين في هذه الآيات وشبهها هو عبارة عن التقييد والتخصيص ونفي الملزوم في المعنى كما هو في الآية الثالثة ليس إلا، تدبر. روى البخاري ومسلم عن أنس قال ما كان لنا خمر غير فضيحتكم، وإني لقائم أسقي أبا طلحة وأبا أيوب وفلانا وفلانا، إذ جاء رجل فقال حرمت الخمرة، فقالوا أهرق هذه القلال يا أنس فما سألوا عنها، ولا راجعوها، ولا تأخروا عن تركها وإهراق أوانيها لحظة واحدة بعد خبر هذا الرّجل، فانظروا رحمكم الله إلى هذا الإيمان الكامل وهذه الطّاعة والانقياد لأمر الله كيف هي، فهل من مزدجر، فهل من متعظ.

وقيل في ذمها:

خذوا كأسها عني فما أنا شارب ... ولا أنا عن ديني ودنياي راغب

لقد حرم الله المدام وانني ... إلى الله مما تستحلّون تائب

أأشرب سما ناقعا في زجاجة ... تحوم حوالي شاربيها المصائب

لئن شبهوا كاساتها بكواكب ... فقد أنذرتنا في النّحوس الكواكب

وان عصروها من خدود كواعب ... فكم من رزايا جرهن الكواكب

وقال يزيد بن محمد المهلبي في ذمها:

لعمرك ما يخفى على الكأس شرها ... وإن كان فيها لذة ورضاء

مرارا تريك الغي رشدا وتارة ... تخيل أن المحسنين أساءوا

وان الصّديق الماحض النّصح مبغض ... وان مديح المادحين هجاء

وجرّبت اخوان النّبيذ فقاما ... يدوم لاخوان النّبيذ إخاء

وكيف يدوم والجامع بينهما معصية الله، والاخوة لا تكون دائمة ونافعة إلا إذا كانت على تقوى الله. راجع الآية ٦٧ من سورة الزخرف في ج ٢. والحاصل أن ما حرم من الشّراب هو أول الخراب ومفتاح الشّر لكل باب، يمحق الأموال ويهرم الرّجال، ويذهب الجمال، ويهدم المروءة، ويوهن القوة، ويمحي الشّهامة فيضع الشّريف، ويهين الظّريف، ويذلّ العزيز، ويفلس التجار، ويهتك الأستار، ويورث العار والشّنار، فالسعيد من اجتنبه، والشّقي من ألفه، والهالك من اعتاده وتوغل فيه. الحكم الشّرعي أجمعت الأمة على التقيد بأمر الله القاضي

<<  <  ج: ص:  >  >>