للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتحريمها وحدّ شاربها وتفسيقه، وإكفار مستحلها، ووجوب قتله حدا. قال ابن وهبان في منظومته:

وفي عصرنا فاختير حد وأوقعوا ... طلاقا لمن من مسكر الحب يسكر

وعن كلهم يروى وأفتى محمد ... بتحريم ما قد قلّ وهو المحرر

وروي عن جابر أن رجلا قدم من جيشان- وجيشان من اليمن- فسأل النبي صلّى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له المزر، فقال صلّى الله عليه وسلم أو مسكر هو؟ قال نعم، قال صلّى الله عليه وسلم كلّ مسكر حرام وإن على الله عهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال. قالوا وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال عرق أهل النّار أو عصارة أهل النّار. وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال كلّ مسكر خمر، وكلّ مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدّنيا ومات وهو يدمنها لم يتب منها لم يشربها في الآخرة، والأحاديث في هذا الباب كثيرة. والحكمة في تحريم الخمر والميسر ما بيناه آنفا لأنهما من الآفات التي تسبب أضرارا مادية ومعنوية، فتوجد الخصومات والأحقاد بين النّاس، وتفقد العدالة والثقة في المعاملات، وينشأ منها شقاء العامة. ولقاعدة الشّرعية إذا تعارض دفع الضّرر وجلب النّفع قدم دفع الضّرر على جلب النّفع. والخمرة المحرمة التي يكفر مستحلها هي المنصوص عليها في القرآن الحاصلة من عصير العنب فقط على رأي أبي حنيفة رحمه الله. وإن كلّ مسكر من غيره لا يسمى خمرا ولا يكفر مستحله إلّا أنه حرام إذا أسكر، مستدلا بقوله صلّى الله عليه وسلم كلّ شراب أسكر فهو حرام، ولأن علّة التحريم هو ما جاء في الآية المفسرة هذه (إنما يريد الشّيطان إلخ، وذهب مالك والشّافعي وأحمد إلى أن كلّ مسكر من عصير العنب أو غيره كله حرام لقوله صلّى الله عليه وسلم ما أسكر كثيره فقليله حرام، ولما قدمنا من الأحاديث الأخر، وشمّلوا الميسر في كلّ الألعاب من نرد وغيره لقوله صلّى الله عليه وسلم من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله. والمراهنة من القمار أيضا لما روي عن قتادة عن حلاس أن رجلا قال لآخر إذا أكلت كذا وكذا بيضة فلك كذا وكذا فارتفعا إلى علي كرم الله وجهه فقال هذا قمار، أما الرّهان في السّباق بين الخيل والإبل

<<  <  ج: ص:  >  >>