للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَتْحُ)

و (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) و (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) و (انْفَطَرَتْ) وشبهها، لأنك إذا زدت ما في هذه الجمل وأمثالها تطرقها النّفي وهي لا تحتمله فيختل معناها فلا يمكنك أن تقول مثلا إذا ما السّماء انفطرت إلخ إذ يكون على تقدير ما بعد إذا لم تعلم نفس ما قدمت وأخرت، لأن علم ذلك عند وجود هذه الحوادث، وهذا قال تعالى (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) وكذلك في بقية الجمل المذكورة، فإن وجود ما بعد إذا فيها تقييد المعنى بتطرق النّفي، أما إذا أمن تطرق لنفي كالآية المفسرة هذه فلا بأس بوجود ما فيها، ويصح تغير القرآن حذفها، مثل قولك إذا قدم الطّعام أكلنا، فإذا زدت ما فقلت إذا ما قدم الطعام أكلنا بقي المعنى على حاله، ومن هنا تعلم غلط بعض الكتّاب الّذين يصلون ما بإذا مطلقا دون أن ينظروا إلى المعنى بعدها، هل يتطرق النّفي أم لا؟

وهل يبقى المعنى على حاله أم لا؟ تدبر «فَمِنْهُمْ» المنافقون «مَنْ يَقُولُ» لصاحيه على طريق الاستهزاء والسّخرية «أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ» السورة المنزلة على محمد «إِيماناً» كما يقوله المؤمنون من أصحابه، فيا سيد الرّسل قل هؤلاء الفاجرين «فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا» بالله ورسوله وكتابه واليوم الآخر إيمانا خالصا حقيقيا «فَزادَتْهُمْ إِيماناً» على إيمانهم لأنهم بعد أن تأمّلوا معناها وتدبّروا مرماها وتعقلوا مغزاها زادت معرفتهم بالله وما يتحتم عن الإيمان به وبرسوله، وكفى بعوام النّاس اعترافهم بها أنها من عند الله بيقين جازم وإقرارهم بها عن ثفة وتصديق، فكل هذا مما يزيد في قوة الإيمان فمثل زيادة الإيمان القوة تكون في الرّجل، ومثل نقصه الضّعف فيه مع تساويهما في الإنسانية، فلا يقال حينئذ كيف يزيد وكيف ينقص راجع الآية (٥) من سورة البقرة والآية الثانية من سورة الأنفال المارتين تجد ما يتعلق في هذا البحث وفيما ترشدك إليه من المواضع «وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ» (١٢٤) بنزولها لما يرون من انشراح صدورهم لها ورغبتهم في سماعها وتشوقهم لحفظها والعمل بها طلبا للثواب في الآخرة عند منزلها «وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» شك وريبة وشبهة في صحتها كالمنافقين والكافرين «فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ» الغاش الغامر على قلوبهم المتغلغل فيها بسبب انغراز الكفر

<<  <  ج: ص:  >  >>