للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أَخاهُمْ هُوداً» بن شالخ بن ارفخشف بن سام بن نوح وقيل عبد الله بن رباح ابن الخلود بن عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح ولهذا قال أخاهم لأنه منهم، وهذه عاد الاولى وكانت منازلهم بالأحقاف، الرمل عند عمان وحضر موت راجع ما بيناه عنهم في الآية ٥ من سورة الفجر المارة وذكرهم في الآية ١٥ من فصلت في ج ٢ والآية ٢١ من الأحقاف أيضا «قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ» ينعم عليكم فكيف تجعلون معه إلها آخر «أَفَلا تَتَّقُونَ ٦٥» ففيه وتخافون عقابه فيعذبكم كما عذّب قوم نوح وذلك لان كيفية إغراقهم مستفيضة بينهم «قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ» المتوغلون بالكفر لأنهم كافرون ويأمرون غيرهم بالكفر بهود عليه السلام ويصدّونهم عن سماع نصحه والإيمان بربه «إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ» خفة عقل وسخافة رأي وحمق، وإنما قالوا له ذلك لأنه زيّف لهم عبادتهم ونسبهم للسفه وقلة العقل وعدم انصياعهم باتخاذ ربّ واحد فقابلوه بالمثل وزادوا عليه قولهم «وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ ٦٦» في ادعائك الرسالة من الله لأنّك رجل مثلنا «قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ» واني رجل مثلكم حقا «وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ٦٧» أرسلني لنصحكم وأمرني «أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي» التي خيرني بها عليكم «وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ ٦٨» على تبليغها كما تلقيتها، وإنما قال أمين لأن إعلامهم بامانته واجب عليه ليعلموا أن ما يأمرهم به هو من أمر الله بلا زيادة ولا نقص وانه لم يأتهم بشيء من عند ولا ليمدح نفسه ولا بمقابلة قولهم «إِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ» لأن من أدب الأنبياء وحسن خلقهم ترك المقابلة بالسوء وكظم ما يسمعونه من النقد والإغضاء عن حقارتهم لهم لأن أقوالهم تصدر عن حلم وأناة، وأقوال الكافرين من قوم عن جهل وسفاهة، وفيه تعليم للمقدرين للنصح والإرشاد كيف يخاطبون السفهاء وكيف يغضون عنهم، والفرق بين قول نوح أنصح وقول هود ناصح لأن قول نوح كان متماديا ليل نهار كما أخبر عنه ربه بقوله «إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهاراً» الآية ٥ من سورته في ج ٢، وقول هود منقطع ولأنه لم يعش فيهم ما عاش نوح

<<  <  ج: ص:  >  >>