للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجب على ذلك لأني لم آل جهدا في نصحهم، وانما قال هذا لأنه كان يتوقع منهم الإيمان وكانوا كثيرين لذلك أحس بالحزن عليهم واشتد به الأمر حتى قال ما قال وعزّى نفسه بأنهم هم الذين اهلكوا أنفسهم بإصرارهم على الكفر وعدم التفاتهم الى نصحه وقد تقدم إليهم بالمعذرة وهكذا عاقبة كل أمة لم تؤمن برسولها وهو شأن صغار العقول الذين يقال فيهم:

إذا الأحوال دبّرها شباب ... فإن مصيرها صاح الرزايا

متى تصل العطاش الى ارتواء ... إذا استقت البحار من الركايا

ومن يثني الأصاغر عن مراد ... وقد جلس الأكابر في الزوايا

وانّ ترفّع الوضعاء يوما ... على الرفعاء من بعض البلايا

إذا استوت الأسافل والأعالي ... فقد طابت منادمة المنايا

مطلب قصه سيدنا شعيب عليه السلام:

هذا ما قصه الله علينا في أمر شعيب وقومه وكيفية إهلاكهم، اما ما ذكره القصاص فخلاصته أنه عليه السلام أرسله الله الى اصحاب الأيكة فلم يؤمنوا فأرسل عليهم حرا شديدا أخذ بانفاسهم وحبس الريح عليهم سبعة أيام ولم يجدوا ما يقيهم منه حيث لا واقي من أمر الله فهربوا إلى البرية فأظلتهم سحابة فيها ريح طيبة وهي الظلة المذكورة في الآية ١٨٩ من سورة الشعراء الآية، فاجتمعوا تحتها كلهم فالهبها الله نارا عليهم ورجفت بهم الأرض، فاحترقوا جميعا، ثم أرسله إلى أهل مدين الذين كان ملوكهم أبجد وهوز وحطي وكلمن وسعفص وقرشت، وكان ملكهم حين إهلاك الظلة، كلمن، فلما دعاهم الى الإيمان ولم يؤمنوا أيضا أرسل عليهم جبريل عليه السلام فصاح بهم صيحة أخذتهم الرجفة من هولها فأهلكوا جميعا كما جاء في الآية ٣٧ من سورة العنكبوت ج ٢ وقالوا ان كلمن رثته بنته عند نزول العذاب بهم بقولها:

كلمن قد هدّد كن ... هلكه وسط المحلة

سيد القوم أتاه ... الحتف نار تحت ظلة

جعلت نارا عليهم ... دارهم كالمضمحلة

<<  <  ج: ص:  >  >>