للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شؤمهم «عِنْدَ اللَّهِ» وحده بسبب كفرهم، وأداة الحصر تشعر بذلك «وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ١٣١» كونه من عند الله لأنهم يضيفون الحوادث للأسباب الظاهرة لا إلى قضاء الله وقدره، وبما أن موسى يحذرهم وينذرهم مقت الله إن لم يطيعوه فيسندوا ما يصيبهم إليه، وتفيد الآية أن بعضهم يعلم حقيقة ذلك ومنهم فرعون ولكن لا يعملون بما يعلمون «وَقالُوا» القبط لموسى بعد انقشاع الآيتين المارتين «مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ» بيان لهما وسموها آية على طريق الاستهزاء تبعا لتسمية موسى سخرية به، ولو اعتقدوها آية لما قالوا «لِتَسْحَرَنا بِها» فتصرفنا عن ديننا بضروب سحرك وإنا إن فعلت ما فعلت «فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ١٣٢» لسحرك ولا مصدقين لأنه زائل، ومهما هذه اسم شرط على الصحيح في الأصل ومحلها رفع الابتداء، وخبرها إما الشرط أو الجزاء أو كلاهما على اختلاف في ذلك، ويجوز أن تكون ظرفا قال ابن مالك إنه مسموع من العرب وأنشد:

وإنك مهما تعط بطنك سؤله ... وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا

على أنها هنا ظرف بمعنى متى خلافا لمن منع ذلك ولهذا استعملها المنطقيون بمعنى كلما وجعلوها سورا للكلية لإفادتها العموم. أما في الآية فليست ظرفا البتة وأصلها ما الجزائية ضمت إليها ما المزيدة المذكورة للجزاء ثم قلبت ألف ما الأولى هاء لعدم تكرار الحرفين المتجانسين لاستثقاله عندهم فصارت مهما وموضعها النصب بتأتنا، والضمير في به وبها يعودان للآية، وأنت الثاني باعتبار المعنى، فاغتاظ موسى عليه السلام واعترته الحدة، فدعا عليهم لأنهم فضلا عن أنهم لم يتعظوا بالآيات المتقدمة العصا واليد اللتين كسرت شوكتهم وأذلتهم، والقحط والنقص اللذين أوقعا فيهم ما أوقعاه رموه بالشؤم وأيأسوه من الإيمان بدلالة معنى مهما وأفادتها ذلك، فأجاب الله دعاءه بانزال عقاب آخر عليهم وهي الآية الثالثة وتكون الخامسة مع آيتي اليد والعصا بينه بقوله «فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ» بأن فجرنا الأرض عيونا وأرسلنا السماء بالمياه الغزيرة فامتلأت بيوت القبط حتى قاموا الى تراقيهم قالوا ولم يدخل بيوت بني إسرائيل شيء منه، مع أنها مختلطة مع بيوتهم ودام ذلك سبعة أيام،

<<  <  ج: ص:  >  >>