للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء. وعلى هذا يستحق على الأولى المدح والثناء والترحم، وعلى الثانية الذم والتحقير والشتم، وما قيل إن هذه الآية نزلت في بني سلمة استدلالا بما رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعرى (تخلى) المدينة فتترك عراء فضاء لا يسترها شيء فقال يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم؟ فأقاموا. ولما روى مسلم عن جابر قال خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة ان ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم بلغني انكم تريدون ان تنتقلوا قرب المسجد؟ فقالوا نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال بني سلمة (أي يا بني سلمة) الزموا دياركم تكتب آثاركم: فقالوا ما يسرّنا إذا تحولنا (أي لعدم رضاء حضرة الرسول) ورويا عن أبى موسى الأشعري قال قال صلى الله عليه وسلم: أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصلي ثم ينام. لا يصح لأن هذه الآية مكيّة بالاتفاق اما ما نقله بعض المفسرين من أنها مدنية فغير صحيح، لأنه لم يذكر المنقول عنه، وإنما قال بمدنيتها ليجعلها سبب النزول، وعلى الناقل صحة النقل حتى يكون حجة وإذا لم يكن حجة فلا احتجاج، وان ما جاء في هذه الأحاديث عبارة عن حكاية حال وقعت في المدينة، والآية عامة ولا يوجد ما يخصصّها فيدخل في معناها بنو سلمة وغيرهم من كل من يترك آثارا حسنة أو سيئة كما ذكرنا (وكلّ شيء) من أعمال الخلق خيرها وشرها هزلها وصحيحها «أَحْصَيْناهُ» عليهم وعددناه وبيناه للملائكة بعد أن حققناه وأثبتناه لدينا «فِي إِمامٍ» لوح من اللوح المحفوظ الذي هو أصل الكتب كلها فلا شيء مما كان ويكون الا وهو مدون فيه فهو المقتدى وفيه المنتهى والمبتدأ «مُبِينٍ» ١٢ واضح ظاهر فيه كل شيء إلى يوم القيمة وكيفية هذا اللوح العظيم الذي لم يأت ذكره إلا في سورة البروج المارة أما الألواح المذكورة في سورة الأعراف ثلاث مرات في الآيات ١٤٣ و ١٤٩ و ١٥٣ المارات فهي ألواح التوراة

<<  <  ج: ص:  >  >>