للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتيقنوا أن هذا من قبل الله، وأن موسى ليس بساحر، فلم يسعهم إلا أن وقعوا على الأرض خاضعين لله مخبتين كما أخبر عنهم بقوله عز قوله «فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً» على الأرض وبلسان واحد «قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى» ٧٠ وانقدنا لأمرهما، وأخر موسى رعاية لسجع الآي، على أن الواو لا تفيد ترتيبا ولا تعقيبا أي برب موسى وهرون، كما مر في سورة الأعراف في الآية ١٢٢ التي ذكرنا فيها هذه القصة إلا انها كررت هنا بأوسع مما هناك.

[مطلب قوة الإيمان وثمرته:]

قال جار الله الزمخشري سبحان الله ما أعجب أمرهم. قد القوا حبالهم وعصيهم والجحود ثم ألقوا رؤوسهم بعد ساعة بالشكر والسجود، فما أعظم الفرق بين الإلقاءين! فذهب الغيظ بفرعون أقصاه «قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ» بالايمان به ولهذا أقول «إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ» وأنتم تلاميذه فيه «فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ» اليد اليمنى مع الرجل اليسرى وبالعكس مبالغة في الضرر «وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ» جزاء عملكم هذا، وفي هنا دالة على الاستعلاء لأن حروف الجر تخلف بعضها كما قدمناه في تفسير الآية ١٠٤ من سورة الأعراف المارة «وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً» نحن فرعون ملك مصر أم موسى وهرون الذين آمنتم بهما «وَأَبْقى» ٧١ أدوم هددهم بهذا لأنهم خذلوه خذله الله وعلى أمل أنهم يرجعون عن إيمانهم «قالُوا» بلا خوف ولا جزع «لَنْ نُؤْثِرَكَ» مهما كنت وملكك فلا نفضلك ولا نختارك أبدا «عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ» الواضحات على صدق موسى وأخيه «وَالَّذِي فَطَرَنا» لا نفعل ذلك ولا نرجع عن إيماننا حيث تبين لنا أنك مبطل بدعواك الربوبية وأن إله موسى هو الإله الحق الذي لا رب غيره لهذا الكون وقد اقسموا على أحقية موسى لأنهم رأوا الحق معه وقد حلت بهم الهداية ومن يهد الله فلا مضل له، وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>