للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنهم عكفوا على عبادته ولم يصغوا، لقول هرون ونقبائهم، قال تعالى حكاية عن حال موسى عليه السلام بعد أن أنزل عليه التوراة الشريفة وأسمعه ما أسمعه من أمر قومه «فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً» شديد الغضب على ما فاته من كلام ربه وعلى ما وقع من قومه، وكان حاملا صحف التوراة كما تفيده الآية ١٥١ من سورة الأعراف المارة، ولما وصل «قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً» بإنزال الكتاب عليكم، قيل كانت ألف سورة وكل سورة ألف آية، يحمل أسفارها سبعون جملا إلا أن ظاهر القرآن يخالفه ويفيد أن موسى حملها، بدليل قوله (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) في الآية المارة وقوله (أَخَذَ الْأَلْواحَ) في الآية ١٥٢ من الأعراف أيضا. ثم قال موبخا صنيعهم «أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ» بمفارقتي حتى فعلتم ما فعلتم، ألم أترك عندكم من تسترشدون به، أعصيتم أمره، واشتد غضبه حتى ألقى الألواح على الأرض، وزاد في تقريعهم فقال «أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي» ٨٦ الذي أعطيتمونيه بأنكم تبقون على ديني حتى أرجع من ميقات ربي «قالُوا» الذين عبدوا العجل «ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا» باختيارنا لأن السامري غلب على أمرنا بكيده ولو أنا ملكنا أمرنا لما خالفناك، وان الذي يفتن لا يملك نفسه «وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً» أثقالا هو الحلي الذي استعرناه «مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ» القبط

حين خرجنا من مصر فعدها السامري علينا أوزارا وجمعه منا، وأوقد نارا وألقاه فيها، وبقينا ننتظرك حتى تحضر فنرى رأيك فيه، ولم نعلم ما يكنّه لنا ولا ما يؤول إليه أمر الحلي «فَقَذَفْناها» في تلك النار تبعا لأمره «فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ» ٨٧ ما معه في النار أيضا على زعمنا أن ما ألقاه من الحلي، ولم نعلم أنه من تراب وطء فرس جبريل عليه السلام الذي كان احتفظ به قبلا لهذه الغاية «فَأَخْرَجَ لَهُمْ» للقائلين المذكورين «عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ» صراخ وذلك بعد أن صاغ العجل من الحلي وضع فيه ذلك التراب «فَقالُوا» للسامري وجماعة من بني إسرائيل الذين انقادوا إليه «هذا» العجل الذي ظهر لكم من من حلي القبط «إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى»

<<  <  ج: ص:  >  >>