للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسير سورة الواقعة عدد ٤٦- ٥٦

نزلت بمكة بعد سورة طه عدا الآيتين ٨١ و ٨٢ فإنهما نزلتا في المدينة، وهي ست وتسعون آية، وثلاثمائة وثمان وسبعون كلمة، وألف وسبعمئة وثلاثة أحرف، وقد أشرنا أول سورة التكوير عن السور المبدوءة ب (إذا) ، روى البغوي بسنده عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا. وكان أبو ضبّة لا يدعها أبدا، أخرجه ابن الأثير في كتابه جامع الأصول. وجاء في كتاب الأوراد للرفاعي رحمه الله أن قراءتها تكون بعد صلاة المغرب وأنها أمان من الفقر. وسنأتي في آخرها على ما يتعلق في هذا البحث.

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قال تعالى: «إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ» ١ قامت القيامة الكبرى، ووصفت بالوقوع لأن قيامها يكون غفلة بسرعة، كسقوط الشيء من العلو، وجاءت بلفظ الماضي لأنها محققة الوقوع لا محالة، ووقوع الأمر عبارة عن نزوله، تقول وقع به ما كنت أتوقعه أي نزل ما كنت أترقبه، وإذا منصوبة باذكر المقدّرة، أي اذكر يا محمد لقومك كيفية قيام القيامة التي «لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ» ٢ أي أنها حين تقع لا تجد نفسا إذ ذاك إلا وتصدق بوقوعها بخلاف أهل زمانك، الآن الذين ينكرون وجودها، «خافِضَةٌ» لأقوام كانوا رفيعين في الدنيا متعالين على الناس تخفضهم إلى دركات جهنم بحسب أعمالهم الخبيثة «رافِعَةٌ» ٣ لأناس كانوا وضيعين في الدنيا أذلاء مخبتين ترفعهم إلى أعالي درجات الجنان جزاء أعمالهم الحسنة. واعلم يا سيد الرسل أن امارة قيامها «إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا» ٤ اضطربت اضطرابا هائلا قويا فهدم كل بناء عليها «وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا» ٥ فتّت فتا دقيقا «فَكانَتْ» على عظمها وشموخها «هَباءً مُنْبَثًّا» ٦ غبارا متفرقا كالذر الذي يرى في شعاع الشمس إذا دخل من الكوة إلى الأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>