للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتطهر، أما ما هو محفوظ بالصدر فهو في أمن من ذاك، وله أن يقرأه عن صدر الغيب ما لم يكن جنبا، وهذا القرآن الموصوف بما تقدم «تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ» ٨٠ منزل تنزيلا على اتساع اللغة إذ يقال للمقدور قدر وللمخلوق خلق فليس بمفترى من قبل محمد، ولا تعلمه من قبل الغير ولا هو من خرافات الأولين كما زعم كفرة قريش، وهذه الآية كالرد ضمنا على هؤلاء المتقولين بذلك

«أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ» الحديث الشيء الجديد وإن نزوله بالنسبة للمنزل عليهم جديد، لذلك سماه حديثا، وإلا فهو كلام الله القديم القائم بذاته المقدسة مبرأ عن الحدوث كذاته المنزهة عنه «أَنْتُمْ» يا أهل مكة ويا كفار العرب أجمع «مُدْهِنُونَ» ٨١ متهاونون بهذا القرآن مكذبون به، لأن من كذب بالشيء فقد تهاون فيه، ومن قال أن معنى مدهنون منافقون لا يتجه لأن الآية مكية ولا نفاق فيها، وإنما حدث النفاق في المدينة ولم يكن في مكة إلا المكايدة والمجاهرة بالعداوة والمكابرة في الحق وعلى الحق، وكانوا متسلطين لا يحتاجون إلى النفاق ولا يعرفونه، ولم تكن كلمة النفاق مستعملة عندهم، أما من قال إن هذه الآية والتي تليها مدنيتان كما أشرنا إليه أول السورة، فيتجه قوله بأن معنى مدهنون منافقون، ويريد بذلك قولهم للمؤمنين آمنا به، ولإخوانهم المنافقين إنا مستهزئون، كما قصه الله في الآية ١٨ من سورة البقرة في ج ٣، ومعنى الإدهان الجري في الظاهر على خلاف الباطن، وقد حدث النفاق بالمدينة «وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ» أيها الكفرة على القول بأنها مكية، وعلى أنها مدينة تجعلون شكر رزقكم أيها المنافقون المتلونون أي حظكم ونصيبكم من هذا القرآن «أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ» ٨٢ به ولا تصدقونه وتجحدونه ولا تشكرونه، قال الحسن: خسر عبد لا يكون حظه من كتاب الله إلا التكذيب انتهت الآيتان المدينتان على قول، وقال في الإتقان أن آية (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) مدينة وهو قول ضعيف لم بعضده ما يقويه لذلك لم نستثنها مع هاتين الآيتين، قال تعالى «فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ» النفس أو الروح عند الموت «الْحُلْقُومَ» ٨٣ مجرى الطعام والشراب «وَأَنْتُمْ» يا أهل المحتضر «حِينَئِذٍ» حين بلوغ الحلقوم

<<  <  ج: ص:  >  >>