للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل على أن المراد بالأكثر من لم يؤمن من أمة كل نبي، كما ثبت بأن أكثر الناس من كل أمة هم الكافرون في قصة محمد صلّى الله عليه وسلم وأمته المذكورين أولا، وفي قصة موسى وقومه وفي كل قصة من القصص الآتية كقصة ابراهيم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب، فتكون كل قصة عبرة لقوم النبي الذين شاهدوها بالدرجة الأولى وبالدرجة الثانية هي عبرة وآية لمن جاء بعدهم من الأمم، وعليه فتكون كلها عبرة لقوم محمد صلى الله عليه وسلم علاوة على ما رأوه من الآيات على يده، لأنهم سمعوها من لسان محمد صلّى الله عليه وسلم وسماعها منه مع أنه أمي آية على نبوته، موجبة للإيمان به على من يسمعها من أمته، لأنها بالوحي الإلهي، وبهذا التوفيق يحصل التلاؤم التام بين من جعل الآية لكل نبي خاصة بقومه ومن جعلها كلها خاصة لقريش.

تدبر هذا، فقل أن تقف عليه أو تصادف مثله وهو جواب كاف شاف في إرجاع ضمير أكثرهم، لأن منهم من أرجعه إلى القبط، ومنهم من أعاده لقوم موسى، ومنهم من جعله خاصا بأمة محمد صلى الله عليه وسلم، والقول الصحيح الجامع لكل هذه الأقوال ما ذكرته لك فاغتنمه، لأني لخصته من عدة صحائف من كتب التفاسير المطوّلة والمختصرة التي لا يتمكن كل أحد من فهم المطلوب منها المجمع عليه إلا بأيام بل بأشهر لمن كان له وقوف وإلمام بعلم التفسير، وتجد مثل هذا كثيرا في تفسيري هذا لأني والله الذي لا إله إلا هو أقضي الأيام والليالي في التحري على مسألة واحدة، وكم أنام مهموما لعدم الوقوف عليها حتى إذا يسرها الله لي سجدت شكرا لله تعالى وكأني أعطيت الآخرة، أما الدنيا فهي بما فيها تساوي عندي حرفا واحدا، ومن عظيم نعمة الله علي أني أرى أحيانا ما أتوقف عنه في منامي، فأراجعه فيظهر لي كما رأيته، ولله الحمد والمنة، أقول هذا تحدثا بنعمة الله لا فخرا ولا رياء ولا سمعة، ولعل القارئ نظر الله إليه أن ينتبه لهذا فيدعو لي ويطلب لي العفو إذا رأى وتحقق لديه ما قاسيته في هذا التفسير، الذي لم أسبق إليه والحمد لله على توفيقه ولطفه.

قال تعالى «وَاتْلُ عَلَيْهِمْ» يا أكرم الرسل «نَبَأَ إِبْراهِيمَ» ٦٩ قصته كما تلوت عليهم قصتك وقصة موسى «إِذْ قالَ لِأَبِيهِ» آزر ويسمى تارخا من قرية من سواد الكوفة واسم أمه مثلى ولا خلاف باسم أبيه هذا، وإنما الخلاف في كون

<<  <  ج: ص:  >  >>