للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلب مواقف القيامة وأن لا نفخة ثالثة:

قال تعالى «وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً» واذكر يا محمد لقومك بعد ذكر الدابة يوم نجمع من كل أمة من أمم الأنبياء جماعة كثيرة «مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا» المنزلة على رسلنا لارشادهم «فَهُمْ يُوزَعُونَ» ٨٣ لشدة الازدحام في ذلك اليوم العظيم يحبس أولهم آخرهم ليجتمعوا فيساقوا دفعة واجدة «حَتَّى إِذا جاؤُ» وصلوا إلى محل العرض أثناء مرورهم به، وأرقفوا بين يدي ربهم في ذلك الموقف الرهيب «قالَ» لهم على طريق الاستفهام التوبيخي «أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي» المبلغة إليكم من رسلي في الدنيا «وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً» والحال انكم لم تعرفوها حق معرفتها بل كذبتموها بادىء الرأي من غير أن تتفكروا بمنزلها وتنظروا الصادقين الذين أرشدوكم إليها «أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» ٨٤ بها في الدنيا أجحدتموها وقد جاءكم بها رسل؟ فخرسوا، إذ لا حجة لهم يتذرعون بها قال تعالى «وَوَقَعَ الْقَوْلُ» وجب العذاب الثابت في قوله تعالى «لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ» الآية ١٣ من سورة السجدة في ج ٢ «عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا» أنفسهم بالكفر والعصيان وعدم الالتفات الى آيات الله التي ذكرتهم أنهم لم يخلقوا عبثا «فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ» ٨٥ إذ يغشاهم العذاب فيشغلهم عن الاعتذار، وتكون أفواههم كأنها مختوم عليها، راجع الآية ٢٥ من المرسلات المارة، وهذا في موطن من مواطن القيامة، وقد ذكرنا أن فيها مواطن كثيرة منها ما يعتذر فيه، ومنها ما يتحاج فيه، ومنها ما ينكر فيه، ومنها ما يعترف فيه، ومنها ومنها، أجارنا الله منها، راجع الآية ٨١ من سورة مريم والآية ٦٤ من سورة يس المارتين قال تعالى «أَلَمْ يَرَوْا» هؤلاء الجاحدون قدرتنا «أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ» ويستوحوا لأنفسهم من نصب المعاش «وَالنَّهارَ مُبْصِراً» مضيئا لينتفعوا به بما يقوّم أمورهم، وهذه الرؤية قلبية لأن الليل والنهار وإن كانا مبصرين بالعين لكن جعل كون الليل للراحة والنهار للعمل من الأمور المعقولة لا المبصرة، أي ألم يعلموا جعلنا الليل المظلم للنوم والقرار؟ قيل: النوم راحة القوى الحسية، من حركات القوى النفسية، والنهار المضيء للشغل النافع مادة

<<  <  ج: ص:  >  >>