للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة ولا يجيبونه ليركعوا ويسجدوا له «وَهُمْ سالِمُونَ ٤٣» أصحّاء قادرون عليه ولا يفعلونه فلذلك منعوا منه في الآخرة لأنها ليست محلا للعبادة «فَذَرْنِي» يا حبيبي «وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ» القرآن الذي نطرفك به آونة بعد أخرى وسمي حديثا بالنسبة لحدوث انزاله وإلا فهو قديم أزلي، أي دعني وهذا المكذب، كله إليّ فأنا أكفيكه ولا تشغل قلبك بشأنه وتوكل علي بالانتقام منه، وهذا تسلية لحضرة الرسول وتطمينا لضميره وتطبيبا لخاطره الشريف وتهديدا للمكذبين العائد لهم ضمير «سَنَسْتَدْرِجُهُمْ» نستدنيهم للعذاب درجة درجة ونستنزلهم له أولا بأول حتى نورطهم فتوقعهم فيه بما كسبت أيديهم وذلك ان الله تعالى يرزق العصاة أحيانا ويكثر نعمه عليهم فيجعلون هذه ذريعة لارتكاب المعاصي ويغفلون عما يراد بهم فيأخذهم على غرة «مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ٤٤» أن الله لهم بالمرصاد لأنهم كلما ازدادوا من الذنوب جدّد لهم النعم فيغروا بها فينسون التوبة والاستغفار والشكر ويحسبون ذلك تفضيلا لهم على المؤمنين فيسبب هلاكهم، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا رأيت الله ينعم على عبد وهو مقيم على معصيته فاعلم أنه مستدرج) وتلا هذه الآية.

[مطلب النسخ لا يدخل الأخبار والوعد والوعيد:]

ولا معنى للقول بنسخها بآية السيف وكذلك آية (واصبر) الآتية لأنهما من الأخبار والأخبار لا يدخلها النسخ وكذلك الآيات المشتملة على الوعد والوعيد وما فيه معنى التعجيل كقوله تعالى (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا) الآية ١٠٩ من سورة البقرة في ج ٣ بإجماع علماء التفسير قال تعالى «وَأُمْلِي لَهُمْ» فأمتعهم بالنعم وأطيل أعمارهم وامهلهم فلا أعجّل عليهم «إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ٤٥» قوي جدا لا يقدر الخلق على نقضه وليعلم ان ما جاء في القرآن من ألفاظ الكيد والمكر والخداع والنسيان من قبل الله تعالى عز وجل هي على سبيل المقابلة لأن ذاته تعالى منزهة عنها وقد أجريتها علي ظاهرها لمعلوميتها وقد آتي بما يراد منها لفظا أو معنى تقريبا لفهم القارئ

<<  <  ج: ص:  >  >>