للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلب قصة المعراج والإسراء والمعجزات الواقعة فيهما:

وخلاصة القصة بناء على ما جاء في الأحاديث الصحيحة والأخبار الصريحة أنه صلّى الله عليه وسلم كان ليلة سبع وعشرين من شهر رجب سنة ٥١ من ميلاده الشريف، وبدء السنة العاشرة من البعثة الجليلة التي أولها شهر رمضان، لأن سنة الولادة أولها شهر ربيع الأول وكذلك سنة الهجرة أولها ربيع الأول، وقد اعتبروا المحرم أولها اعتبارا، كان نائما في بيت فاختة أم هانىء بنت أبي طالب بعد أن صلى الركعتين اللتين كان بتعبد فيهما قبل النوم، وما جاء أنه كان بالحجر والحطيم وبين زمزم والمقام أقوال لم نعتمد على صحتها ولم نجد ما يقويها، ويؤيد ما جرينا عليه ما روى عن أم هانىء أنها فقدت رسول الله صلّى الله عليه وسلم من بيتها وامتنع النوم عنها مخافة عليه من قريش، وأخبرت بني المطلب، فتفرقوا في التماسه، ورحل العباس الى ذي طوى وهو يصيح يا محمد يا محمد، هذا وقد اظهر الله له في إسرائه ومعراجه سبعين معجزة، أولها أنه خرج عن سقف البيت سحر تلك الليلة، فنزل جبريل وميكائيل واسرافيل عليهم السلام، فأيقظه جبريل، فقال له صلّى الله عليه وسلم مالك يا أخى؟ قال قم إن ربك بعثني إليك وأمرني أن آتيه بك في هذه الليلة بكرامة لم يكرم بها أحد قبلك ولا يكرم بها أحد بعدك، فتكلم ربك وتنظر إليه ويريك عجائب عظمته وبدائع قدرته ومنافع ملكوته، قال صلّى الله عليه وسلم فقمت وتوضأت وصليت ركعتين، قال ثم إن جبريل عليه السلام تقدم إليّ وشق صدري ما بين الرّقوتين الى أسفل بطني بإشارة منه ليس بآلة ما، ولم أجد ألما ما، ولا خرج مني دم ما، معجزة على طريق خرق العادة- واستخرج قلبه الشريف، وغسله بطست من ماء زمزم ثلاثا، ونزع ما كان فيه من أذى، ثم جاء بطست من ذهب ممتلىء إيمانا وحكمة فأفرغه فيه.

تنبيه: من المعلوم أن الإيمان والحكمة ليستا من الأجسام بل هي معان، والمعاني تمثل في الأجسام مجازا، ولذا قال فأفرغه، ويحتمل أنه عليه السلام جعل في الطست شيئا، يحصل به كمال الإيمان والحكمة وزيادتها، فسمي إيمانا وحكمة لكونه سببا لهما. قال ثم وضعت السكينة في قلبه الشريف، وهذه أيضا من الأمور المعنوية التي لا تحتاج إلى حيّز محسوس، ولا بد لهذه الأمور من عقيدة راسخة،

<<  <  ج: ص:  >  >>