للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنشأت. ومنه قوله سبحانه: أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ [الزخرف: ١٨] وقوله: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) [الواقعة: ٣٥] أي: ابتدأناهن ونبّتناهن، ومنه قيل لصغار الجواري:

نشأ.

فكأنه قال: إن ساعات الليل الناشئة، فاكتفى بالوصف من الاسم.

وقوله: أَشَدُّ وَطْئاً [المزمل: ٦] أي: أثقل على المصلي من ساعات النهار. وهو من قولك: اشتدت على القوم وطأة سلطانهم: إذا ثقل عليهم ما يلزمهم ويأخذهم به.

فأعلم الله نبيه أن الثواب في قيام الليل على قدر شدة الوطأة وثقلها.

ومن قرأها: وطاء على تقدير (فعال) فهو مصدر لواطأت فلانا على كذا مواطأة ووطاء. وأراد: أنّ القراءة في الليل يتواطأ فيها قلب المصلي ولسانه وسمعه على التّفهّم والأداء والاستماع، بأكثر مما يتواطأ عليه بالنهار.

وَأَقْوَمُ قِيلًا [المزمل: ٦] أي: أخلص للقول وأسمع له، لأن الليل تهدأ عنه الأصوات، وتنقطع فيه الحركات، فيخلص القول، ولا يكون دون تسمّعه وتفهّمه حائل.

وقوله: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا (٧) [المزمل: ٧] يعني: تصرفا وإقبالا وإدبارا في حوائجك وأشغالك.

[في سورة الفتح]

هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٢٥) [الفتح: ٢٥] .

كان بمكة قوم مؤمنون مختلطون بالمشركين غير متميزين ولا معروفي الأماكن، فلما صدّ المشركون رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، عن المسجد الحرام وعكفوا الهدي أن يبلغ محلّه. قال الله سبحانه: لولا أن بمكة رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لا تعرفونهم فتطئوهم لو دخلتموها، أي تقتلوهم ليدخلهم الله في رحمته لو فعلتم فتصيبكم من قتلهم بغير علم معرّة، أي يعيبكم المشركون بذلك ويقولون: قد قتلوا أهل دينهم وعذبوهم كما فعلوا بنا، وتلزمكم الدّيات.

ثم قال، لَوْ تَزَيَّلُوا، أي تميزوا من المشركين لَعَذَّبْنَا المشركين بالسيف

<<  <   >  >>