للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقل لهم: ما أنفقتم من أموالكم فاجعلوه لآبائكم، وأمهاتكم وأقربائكم واليتامى منكم، الذين مات كافلهم، والمساكين الذين عجزوا عن الكسب والمسافرين الذين انقطعت بهم السبل وما تأتوا من خير فإنّ الله به عليم، فيجازيكم عليه. وقد اختلف في هذه الآية.

١- فقيل: إنها منسوخة بآية الزكاة إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ [التوبة: ٦٠] .

٢- وقيل: إنها غير منسوخة، وهو الأولى وهي لبيان صدقة التطوع، فإنّه متى أمكن الجمع فلا نسخ.

وقد بينت الآية أنّ صدقة التطوع في الوالدين والأقربين أفضل، ويدل على ذلك ما

روي عن صدقة النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يا معشر النّساء، تصدّقن ولو من حليّكنّ» . فقالت زينب امرأة عبد الله بن مسعود لزوجها: أراك خفيف ذات اليد فإن أجزأت عنّي فيك صرفتها إليك، فأتت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسألته فقالت: أتجزئ الصدقة على زوجي وأيتام في حجري؟ فقال لها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «نعم، ولك أجران:

أجر الصدقة وأجر القرابة» «١» .

وفي رواية: «زوجك وولدك أحقّ من تصدّقت عليه» «٢» .

وروى النّسائي وغيره أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يد المعطي العليا. أباك، وأمّك وأختك، وأخاك، وأدناك أدناك» «٣» .

وروى مسلم عن جابر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ابدأ بنفسك فتصدّق عليها» «٤» .

قال قيل: إنهم سألوا عن المنفق، وأجيبوا ببيان المنفق عليهم، فلم يتطابقا؟

قيل: إن ذلك على أسلوب الحكيم. فقد سألوا عن شيء، وأجابهم عما هو أهم منه، وهو بيان مواطن الإنفاق، لأنّ الإنفاق لا يحدث الخير الذي يؤدي إليه حتى يصادف موقعه. قال الشاعر:

إنّ الصّنيعة لا تكون صنيعة ... حتّى يصاب بها طريق المصنع


(١) رواه البخاري في الصحيح (٢/ ١٥٥) ، ٢٤- كتاب الزكاة، ٤٨- باب الزكاة على الزوج حديث رقم (١٤٦٦) ، ومسلم في الصحيح (٢/ ٦٩٤) ، ١٢- كتاب الزكاة ١٤- باب فضل النفقة حديث رقم (٤٥/ ١٠٠٠) .
(٢) رواه البخاري في الصحيح (٢/ ١٥٤) ، ٢٤- كتاب الزكاة، ٤٤- باب الزكاة على الأقارب حديث رقم (٢/ ١٤٦) .
(٣) رواه أحمد في المسند (٢/ ٢٢٦) .
(٤) رواه مسلم في الصحيح (٢/ ٦٩٢) ، ١٢- كتاب الزكاة، ١٣- باب الابتداء في النفقة حديث رقم (٤١/ ٩٩٧) .

<<  <   >  >>