للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأخوة والأخوات إذا ورث كلالة، ولا شكّ أنّ الإخوة والأخوات لا يرثون عند وجود الأب، فوجب ألا يكون الوالد من الكلالة.

الكلالة ترد وصفا للميت، ويراد بها من لا يرثه والد ولا ولد، وقد ترد وصفا للوارث، ويراد بها من عدا الوالد. فمن الأوّل قول الشاعر «١» :

ورثتم قناة المجد لا عن كلالة عن ابني مناف عبد شمس وهاشم ومن الثاني ما في حديث جابر قال: مرضت مرضا أشفيت منه على الموت، فأتاني النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: يا رسول الله إني رجل لا يرثني إلا كلالة، وأراد به أنه ليس له والد ولا ولد «٢» .

والظاهر أنها في الآية وصف للميت، لأنّها حال من نائب فاعل يورث، وهو ضمير الميت، ثم إذا كانت مصدرا قدّر مضافا، أي ذا كلالة، وإن كانت صفة كالهجاجة والفقاقة للأحمق لم يحتج الأمر إلى مضاف.

والمراد بالأخوة هنا الأخوة للأم، دون الأخوة الأشقاء، ودون الإخوة للأب، بدليل قراءة سعد بن أبي وقاص (وله أخ أو أخت من أم) «٣» ويدل عليه أيضا غير هذه القراءة أن الله ذكر ميراث الإخوة مرتين هاهنا، ومرة في آخر هذه السورة، فجعل هاهنا للواحد السدس، وللأكثر الثلث شركة، وجعل في آخر السورة للأخت الواحدة النصف، وللاثنتين الثلثين، وللذكر المال، فوجب أن يكون الإخوة لأب وأم أو لأب، فتعيّن أن يكون المراد هنا الإخوة لأم، ويرجحه أنّ الفرض هنا الثلث أو السدس، وهو فرض الأم، فناسب أن يكون فرض الإخوة الذين يدلون بها، وهم الإخوة لأم.

وقد تبين أنّ الإخوة لأم لهم حالتان:

١- أخ لأمّ منفرد، أو أخت لأم منفردة، وله أو لها السدس.

٢- أن يتعدد الأخ لأم أو الأخت لأم وفي هذه الحالة يكونون شركاء في الثلث، يقسّم بينهما بالسوية، لأنثاهم مثل ذكرهم، لأن مطلق التشريك يدلّ عليه.

ويمنع الإخوة لأمّ من الميراث الوالد والولد، لأنّ الله جعل لهما ذلك النصيب إذا كان الميت يورث كلالة، وقد ذكرنا أنّها من يرثه غير الوالد والولد.

وهنا بحث لفظي، وهو أن الله تعالى قال: وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ ثم قال: وَلَهُ أَخٌ فكنّى عن الرجل، ولم يكنّ عن المرأة، وهذا في العطف


(١) الفرزدق، انظر البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (٣/ ١٩٧) .
(٢) رواه ابن جرير الطبري في تفسيره جامع البيان (٤/ ١٩٣) .
(٣) رواه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (٥/ ٧٨) . [.....]

<<  <   >  >>