للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فقال بعضهم: إن المراد به الذكر، لأنّه المتبادر، ولأنّه لو أريد به ما يشتمل الذكر والأنثى لكان مقتضى مفهومه أن الأخت لا ترث النصف مع وجود البنت، مع أنها ترثه معها عند جميع العلماء غير ابن عباس، ولكان مقتضاه أيضا أنّ الأخ لا يرث أخته مع وجود بنتها، والعلماء متفقون على أنه يرث الباقي بعد فرض البنت وهو النصف.

والمختار الذي عليه المحققون أن الولد هنا عامّ في الذكر والأنثى، لأنّ الكلام في الكلالة وهو من ليس له ولد أصلا، لا ذكر ولا أنثى، وليس له والد أيضا، إلا أنه اقتصر على ذكر الولد ثقة بظهور الأمر. ولأنّ الولد مشترك معنويّ وقع نكرة في سياق النفي، فيعم الابن والبنت، وما ورد على المفهوم ليس بقادح.

أما أولا: فلأن الأخت لا يكون لها فرض النصف مع وجود الولد مطلقا، أما مع الابن فلأنّه يحجبها. وأما مع البنت فلأنها تصيرها عصبة، فلا يتعين لها فرض، نعم يكون نصيبها مع بنت واحدة النصف بحكم العصوبة لا الفرضية، فلا حاجة إلى تخصيص الولد بالابن لا منطوقا ولا مفهوما.

وأما ثانيا: فلأن الأخ لا يرث أخته مع وجود بنتها. لأنّ المتبادر من قوله تعالى: وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ أنه يرث جميع تركتها عند عدم الولد، ومفهومه أنّه عند وجود الولد لا يرث جميع تركتها، أما مع الابن فلأنه يحجبه، وأما مع البنت فلأنه يرث الباقي بعد فرضها، فصحّ أن الأخ لا يرث أخته مع وجود بنتها، تدبّر ذلك فإنّه دقيق.

وبعد فإنّ الآية قدّرت في ميراث الإخوة والأخوات من الميت الكلالة صورا أربعا:

الأولى: أن يموت امرؤ وترثه أخت واحدة، فلها النصف بالفرض، والباقي للعصبة إن كانوا، وإلا فلها بالرد.

وكما ترث الأخت الواحدة من أخيها النصف، كذلك ترثه من أختها، لأنّ مقدار الميراث لا يختلف باختلاف الميت ذكورة وأنوثة، وإنما يختلف باختلاف الوارث.

الثانية: أن يكون الأمر بالعكس تموت امرأة ويرثها أخ واحد فله جميع التركة، وكما يرث الأخ الواحد جميع تركة أخته كذلك يرث جميع تركة أخيه.

الثالثة: أن يكون الميت أخا أو أختا وورثه أختاه، فلهما الثلثان.

الرابعة: أن يكون الميت أخا أو أختا، والورثة عدد من الإخوة والأخوات، فللذكر مثل حظ الأنثيين.

وظاهر الآية في هذه الصورة الرابعة عدم التفرقة بين الإخوة الأشقاء والإخوة لأب

<<  <   >  >>