للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما

رواه البخاري وغيره عن علي كرم الله وجهه من قوله حين جلد شراحة ثم رجمها: جلدتها بكتاب الله تعالى ورجمتها بسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وأجاب الجمهور بأن الآية مخصوصة وخبر أبي داود متروك العمل بما

رواه الستة «١» عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما أن أعرابيا أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله أنشدك بالله إلا قضيت لي بكتاب الله تعالى، فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه: نعم فاقض بيننا بكتاب الله تعالى وائذن لي.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قل» .

فقال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته، وإني أخبرت أنّ على ابني الرجم فافتديت منه بمئة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أنّ على ابني جلد مئة وتغريب عام، وإن على امرأة هذا الرجم. فقال: «والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله تعالى، الوليدة والغنم ردّ عليك، وعلى ابنك جلد مئة وتغريب عام، واغد يا أنيس- لرجل من أسلم- إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها» ، فغدا عليها فاعترفت فأمر بها النبي صلّى الله عليه وسلّم فرجمت. فقد دل هذا الحديث على أنّ الرجم هو تمام الحد على المحصن، ولو وجب الجلد إذ ذاك لذكره النبي صلّى الله عليه وسلّم.

وإنّ قصة ما عز رويت من جهات مختلفة وليس فيها ذكر الجلد مع الرجم، وكذا قصة الغامدية.

وقد تكرر الرجم في زمانه صلّى الله عليه وسلّم ولم يرو أحد أنه جمع بينه وبين الجلد، فقطعنا بأنّ حد المحصن لم يكن إلا الرجم.

وأما جلد علي كرم الله وجهه شراحة، ثم رجمه إياها فهو رأي له لا يقاوم ما ذكر من القطع عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكذلك لا يقاوم إجماع غيره من الصحابة رضوان الله عنهم. ولعل عمله هذا محمول على مثل ما رواه أبو داود عن جابر رضي الله عنه قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم برجل زنى فجلد الحد، ثم أخبر أنّه محصن فأمر به فرجم.

وأيضا فإنّ المعنى المعقول يأبى اجتماع الجلد مع الرجم، لأن الجلد حينئذ يعرى عن المقصود الذي شرع الحد لأجله، وهو الانزجار أو قصده إذ كان القتل لا حقا له.

وللشافعية قاعدة في مثل هذا وهي أن الفعل إذا كان له جهتا عموم وخصوص،


(١) رواه البخاري في الصحيح (٨/ ٤٣) ، ٨٧- كتاب الحدود، ٣٣- باب هل يأمر الإمام حديث رقم (٦٨٥٩) ، والترمذي في الجامع الصحيح (٤/ ٣) ، كتاب الحدود، باب الرجم حديث رقم (١٤٣٣) ، وأبو داود في السنن (٤/ ١٤٦) ، كتاب الحدود، باب المرأة حديث رقم (٤٤٤٥) ، والنسائي في السنن (٧- ٨/ ٦٢٢) ، كتاب القضاة حديث رقم (٥٤١٢) ، وابن ماجه في السنن (٢/ ٨٥٢) ، ٢٠- كتاب الحدود، ٧- باب حد الزنى حديث رقم (٢٥٤٩) .

<<  <   >  >>