للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- وإن إحصان القذف يعتبر فيه الإسلام بالإجماع، فكذا إحصان الرجم، والجامع كمال النعمة.

ويرى الشافعية أنّ حد الذمي المحصن الرجم، وحجتهم في ذلك عموم

قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا قبلوا الجزية فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين» .

وما

ثبت في «الصحيحين» «١»

من أنه النبي صلّى الله عليه وسلّم رجم يهوديين زنيا

، فإن كان ذلك منه صلّى الله عليه وسلّم حكما بشرعه فهو ظاهر، وإن كان حكما بشرع من قبله فقد صار شرعا له، وأيضا فإنّ زنى الكافر مثل زنى المسلم في الحاجة إلى الزاجر.

ثم أجابوا عن أدلة الحنفية فقالوا في الحديث: إنه مضطرب، قال فيه إسحاق:

قد رفع هذا الخبر مرة ووقف على ابن عمر مرة أخرى، ورواه الدارقطني في «سننه» وقال: لم يرفعه غير إسحاق بن راهويه، ويقال: إنه رجع عنه، والصواب تفسير الإحصان في

قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من أشرك بالله فليس بمحصن»

بالتزويج يجعل الحديث في ظاهره مصادما للواقع، فينبغي أن يكون المراد بالمحصن فيه المحصن الذي يقتصّ له من المسلم، فيكون الذمي الثيب محصنا إحصان الرجم، فثبت رجمه لعموم

قوله صلّى الله عليه وسلّم: «وزنى بعد إحصان» .

وأجابوا عن قول الحنفية: أن النعمة في حق المسلم أعظم إلخ بأنه معارض بأن الإسلام من كسب العبد، وزيادة الخدمة إن لم تكن سببا في تخفيف العقوبة فلا أقل من ألا تكون سببا في زيادتها.

وأجابوا عن القياس على حد القذف بأن حد القذف ثبت لرفع العار كرامة للمقذوف، والكافر لا يكون محلا للكرامة، وصيانة العرض.

[الكلام فيمن يلي الحد]

الخطاب في قوله تعالى: فَاجْلِدُوا لأولياء الأمر من الحكام، لأنّ هذا حكم يتعلّق باستصلاح الناس جميعا، وكل حكم من هذا القبيل فإنما تنفيذه على الإمام.

وقد جعل الفقهاء مثل هذا الأمر من الأدلة على وجوب نصب الخليفة، لأنه تعالى أمر بإقامة الحد، ولا يقوم به إلا الإمام، وما لا يتم الواجب إلا به يكون واجبا.

ولا نعلم خلافا في أنّ الذي يلي إقامة الحد على الأحرار إنما هو الإمام أو نائبه.

أما الأرقاء ففيمن يلي حدهم خلاف. فالإمامان مالك والشافعي يجيزان للسيد أن


(١) رواه مسلم في الصحيح (٣/ ١٣٢٦) ، ٢٩- كتاب الحدود، ٦- باب رجم اليهود، حديث رقم (١٦٩٩) ، والبخاري في الصحيح (٨/ ٣٨) ، ٨٧- كتاب الحدود، ٢٤- باب أحكام أهل الذمة حديث رقم (٦٨٤١) . [.....]

<<  <   >  >>