للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد شرحنا هدف التعليم بالاستعاذة وما تبثّه في النفس من سكينة وطمأنينة. وأوردنا طائفة من الآيات والأحاديث في سياق تفسير سورة الفلق فنكتفي بهذا التنبيه بالنسبة للاستعاذة.

غير أن صيغة الآية [٢٠٠] التي نحن في صددها مختلفة نوعا ما. حيث تأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بالاستعاذة من الشيطان إذ أن نزغه منه الذي فسّره الجمهور على أنه الغضب. وهذه الصيغة تكررت في آية سورة فصلت هذه: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦) وجاءت بصيغة أخرى في آيات سورة المؤمنون هذه: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨) وقد كانت هذه الآيات موضوع بحث كلامي عما إذا كان يمكن أن يكون النبي صلّى الله عليه وسلّم عرضة لنزغات وهمزات ووساوس الشياطين وتأثيرهم كسائر الناس وبما إذا كان هذا مما يخلّ في عصمته. وبما إذا كان هذا مما يصحّ أن يشمل ما يصدر عنه من أوامر وتعليمات وما يبلغه من وحي الله وقرآنه. وقد تطرق المفسّر الخازن إلى هذا الأمر في سياق تفسير آية الأعراف التي نحن في صددها فقال إن الآية بسبيل التعليم وليست بسبيل تقرير أمر وقع. أو أنها من باب لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: ٦٥] والنبي صلّى الله عليه وسلّم بريء من الشرك البتة. وإن الشيطان لو حاول الوسوسة له فإن الله عاصمه عن قبولها والتأثّر بها. وأورد بسبيل ذلك حديثا رواه ابن مسعود قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما منكم من أحد إلّا وقد وكّل به قرينه من الجنّ وقرينه من الملائكة قالوا وإياك يا رسول الله قال وإيّاي إلّا أنّ الله أعانني عليه فأسلم من شرّه وفتنته» «١» .

تطرق رشيد رضا في تفسيره لآية سورة الأعراف التي نحن في صددها إلى هذا الموضوع أيضا. وفنّد أي احتمال لتأثّر النبي صلّى الله عليه وسلّم بوسوسة الشيطان وأورد الحديث وقال إنه وارد في صحيح مسلم.


(١) انظر تفسير الآيات في الخازن. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>