للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى التطمين مثل آيات سورة ص [١١] والقمر [٤٤- ٤٥] وإمّا أن يكون نزل في هذا الأمر قرآن ثم رفع لحكمة ربانية. وإما أن يكون وحيا غير قرآني فيه هذا التطمين. وفي القرآن صور يمكن أن ينطبق عليها هذا الأمر الأخير، فقد جاء في سورة الأنفال مثلا هذه العبارة وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وهذا الوعد لم يرد في القرآن وقد روي حديث فيه ذلك حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم بدر «سيروا وأبشروا فإنّ الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين» .

ولقد تعددت الأقوال المدوية عن أهل التأويل من أصحاب رسول الله وتابعيهم في صدد الرؤيا والشجرة الملعونة. فهناك حديث يرويه البخاري والترمذي عن ابن عباس جاء فيه «الرّؤيا هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به. والشّجرة الملعونة هي شجرة الزّقوم» وروى الطبري عن ابن عباس أن الرؤيا هي الحلم الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم فيه نفسه يدخل مكة بعد الهجرة فسار إلى مكة للزيارة بوحي هذا الحلم فمنعه المشركون فقال ناس إن رسول الله قد ردّ وكان حدثنا أنه سيدخل مكة فكانت رجعته بدون زيارة فتنتهم. وهذه الرواية تقتضي أن تكون الآية مدنية، لأن الرؤيا التي سار النبي صلى الله عليه وسلم بها إلى الزيارة وكانت كما قلنا بعد الهجرة وكان نتيجة لسير النبي بأصحابه صلح الحديبية بينه وبين كفار قريش ونزلت فيها سورة الفتح، وليس هناك ما يؤيد مدنية الآية، وليس لها أي مكان ومناسبة في السياق الذي هو في صدد كفار مكة ومواقفهم، ومع كل هذا فإن جمهور المفسرين يرجحون أن الرؤيا هي الرؤيا التي أراها الله لرسوله في الإسراء. وهو ما نراه الأوجه وبخاصة لأن الإسراء مما أخبر به القرآن في هذه السورة، وكانت رؤيا خاصة بمدركات النبي أخبر بها إخبارا على ما شرحناه في سياق الآية الأولى من السورة. وفي الأحاديث الواردة في صدد الإسراء والمعراج حديث يذكر أن بعض المسلمين ارتدوا حينما أخبر النبي بخبر الإسراء والمعراج فكان ذلك هو ما عنته جملة وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ.

وفي صدد الشجرة الملعونة نقول إنه بالإضافة إلى الحديث الذي رواه البخاري والترمذي عن ابن عباس الذي أوردناه قبل والذي يذكر أنها شجرة الزقوم

<<  <  ج: ص:  >  >>