للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأذن ليس مخافتة. ومعنى جملة ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها أي لا ترفع صوتك جهوريا ولا تخفته حتى لا يسمع وليكن بين بين.

(٢) لم يكن له ولي من الذلّ: ليس محتاجا إلى نصير قد يحتاج إليه الإنسان إذا خشي الذل.

الآيات تأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول للناس ادعو الله أو ادعوا الرحمن فجميع الأسماء الحسنى له وحده وبأن تكون صلاته إليه صلاة خشوع ووقار وبين الجهر والإسرار. وبأن يعلن حمده وتكبيره له. فهو صاحب الملك الشامل الذي تنزه عن الولد والشريك المستغني عن الأولياء الذين يتخذهم الناس إذا ما خشوا البغي والذل. وقد جاءت الآيات في الوقت ذاته خاتمة قوية للسورة.

ولقد روى المفسرون روايات عديدة كسبب لنزول الآيات، أو الآية الأولى بخاصة. فرووا أن الفقرة الأولى منها نزلت بسبب قول اليهود للنبي إنك تقلل من ذكر الرحمن في القرآن مع أن هذا الاسم كثير الورود في التوراة. ورووا مع ذلك أنها نزلت بسبب قول الكفار أو بعض زعمائهم بأن محمدا يزعم أنه يدعو إلى إله واحد وهو يذكر الله والرحمن. ولا نعرف الرحمن إلّا رحمن اليمامة. ورووا أن فقرتها الثانية نزلت لأن الكفار كانوا حينما يسمعون القرآن من النبي يسبون القرآن ومن أنزله فأمر النبي فيها بالتوسط بين الجهر حتى لا يسمعه الكفار ولا يخافت ليسمعه المسلمون. وفي هذا حديث رواه البخاري والترمذي عن ابن عباس «١» .

ومع هذا فرووا عن ابن عباس أيضا أن النهي عن الجهر حتى لا يكون فيه مراءات للناس، وعن الإسرار والخفت حتى لا يكون فيه خوف من الناس. ورووا عن عائشة ومجاهد أن الصلاة في الفقرة بمعنى الدعاء وأن بعض الأعراب كانوا إذا دعوا الله رفعوا أصواتهم فنهوا عن ذلك. ورووا أن أبا بكر كان يخفض صوته وعمر يرفعه في القراءة فقيل لهما في ذلك فقال الأول أناجي ربي وقال الثاني أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان فنزلت الآية الأولى.


(١) التاج ج ٤ ص ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>